قصة المَزيرة
بقلم : محمد شعبان
حكايات جدتي
(المَزيرة)
روحت لبيت جدتي ورجعتلكوا بحكايات جديدة، أول ما دخلت البيت عندها غيرت هدومي وعملتلي وعملتلها فنجانين قهوة وقعدت معاها وسألتها ..
- ايه بقى يا ست الكل .. مافيش قصص جديدة ؟!
لما قولتلها كده شربت من فنجانها وقالتلي وهي بتضحك ضحكتها اللي انا بحبها ..
- انت يا واد مابتشبعش قصص ؟!
لما قالتلي كده رديت عليها وقولتلها ..
- بصراحة لأ .. لا انا ولا الناس اللي بيحبوكي وبيحبوا يسمعوا او يقروا قصصك بيشبعوا منها .
كملت ضحك وقالتلي ..
- طيب يا سيدي وانا هحكيلك النهاردة حكايات جديدة، هات الورقة والقلم يا موكوس واكتب اللي هقولهولك عشان ما تنسهوش .
لما قالتلي كده قومت جري جيبت الورق والقلم وقولتلها ..
- احكي يا ست الكل .. احكي وانا هكتب اللي هتقوليه .
اتعدلت في قعدتها وبصت لي بتركيز ..
- ان طلع عليك النهار وماشوفتهاش، هيجيلك السعد وهتكسب قد اللي بتكسبه عشر مرات، انا بقى لو شوفتها، ف هي ممكن تاخدك معاها لتحت الأرض .
لما قالتلي كلامها ده بصيت لها باستغراب ..
- هو مين ده .. ومين دي اللي هتاخده تحت الأرض !
جاوبتني وقالت ..
- المَزيرة .. صاحبة البير .
- مَزيرة ! مََزيرة مين وبير ايه ؟!
ماهتمتش باسئلتي وابتدت تحكي ..
عم سعفان الترزي؛ كان اجدع ترزي حريمي في منطقته، لكن للأسف يا ابني.. الدنيا الدوارة جارت عليه وحالته المادية بقت صعبة اوي، في الوقت ده دور على مكان يفتحه ورشة وفي نفس الوقت يكوت بيت ينام فيه، دور كتير على مكان.. بس عشان فلوسه كانت قليلة ف مالقاش غير بيت في منطفة البساتين معظمها كانت بيوت من دورين زيها زي كل بيوت القاهرة في الوقت ده، المهم عمك سعفان خد البيت ده وعاش في
الدور الأول علوي وفتح الدور الأول او الأرضي ورشة لتفصيل الفساتين، وواحدة واحدة الدنيا اتعدلت معاه وقدر يجيب قماش وبقى له زباين، بس الحاجة الغريبة بقى إن عم سعفان فجأة كده مابقاش بيشتغل، وفجأة قال للزباين انه مش قادر يفصل الفساتين المطلوبة منه، ولما الناس سألوه مالك، قالهم انه وقع جوة البير اللي في المنور بتاع البيت، ولو هتسألني، ايه اللي خلى البيت يبقى فيه بير، في انا هقولك ان في الوقت ده ماكنش في حنفيات ولا مواسير ميا، وعشان كده كانت البيوت بتجيب ميا، يأما من السقايين اللي بيعدوا على البيوت، يأما بيحفروا أبار جنب أو جوة كل بيت عشان يكفي نفسه من الميا، المهم عمك سعفان فضل راقد في البيت بتاعه لمدة يومين، وفي اليوم التالت سمع حكايته شيخ من المنطقة اسمه الشيخ (علاء) ..
كان راجل صالح وكل الناس بتحبه، الراجل لما سمع باللي حصل لسعفان، راح عشان يزوره ويطمن عليه، ويشوفه يعني لو محتاج حاجة وكده، بس الناس بتقول إن الشيخ علاء لما شاف سعفان وبص في عينه، ابتدى يقرأ قرآن لحد ما سعفان قام وكان عاوز يمسك في زمارة رقبته لحد ما يموت، بس أول ما سعفان عمل كده قام الشيخ علاء وكتفه، الشيخ علاء كان راجل طول بعرض، عشان كده كان سهل عليه انه يكتف سعفان من ايديه ويكمل قراية قرآن لحد ما سعفان فجأة ابتدى يتكلم بصوت واحدة ست وابتدا يتشنج بقوة، بس بعد دقايق سكت الشيخ علاء ورجع سعفان لحالته الطبيعية تاني، وقتها سعفان ماكنش فاكر حاجة من اللي حصلت ولا حتى كان فاكر انه اتشنج، بس لما الشيخ علاء هداه وشربه ماية مقروء عليها قرآن.. حكى له بقى على كل اللي حصل، وكمان حكى له على تفسير للي حصل له، الشيخ علاء يا ابني قعد قصاد الأسطى سعفان وقال له ..
- انت شوفت ايه لما وقعت عند البير ؟!
وقتها رد عليه سعفان ..
- انا اول مرة هحكي اللي انا شوفته ده لحد.. لأنها قالتلي ماتحكيش، بس قبل ما احكيلك، قولي انا عملت ايه بالظبط لما انت قريت قصادي قرآن .. انا آخر حاجة فاكرها، انك فضلت تقرا وتقرا لحد ما حسيت ان راسي بتتقل .. هو ايه اللي حصل بعد كدع ؟َ!
جاوبه يا ابني الشيخ علاء وقاله ..
- الحكاية وما فيها انك لما وقعت في البير لبستك واحدة من بنات الجن، جنية من جنيات الآبار اسمها المَريزة، انت قولت اسمها لما اتكلمت بصوتها، وقولت كمان انها سكنتك وهتفضل معاك لمدة 3 أيام.. يعني إن طلع عليك النهار وماشوفتهاش، هيجيلك السعد وهتكسب قد اللي بتكسبه عشر مرات، أما بقى لما شوفتها ف هي ممكن تاخدك معاها لتحت الأرض .
لما الشيخ علاء قال كده، رد عليه سعفان ..
- وانت عرفت منين كل ده !
جاوبه الشيخ علاء ..
- انت اللي قولت كده لما اتكلمت بصوتها، وعموماً يا سعفان، انا هعملك حجاب مكتوب فيه آيات وأدعية تمنعها عنك، ومع الوقت وطول ما انت محافظ عليها، هي بإذن الله هتنصرف من عليك خالص .
وفعلاً يا ابني عمل الشيخ علاء الحجاب واداه لسعفان اللي بعد ما خده منه مابقاش يشوفها تاني، بس الحاجة الغريبة بقى إن سعفان بعد ما رجله خفت وبعد ما بقاش يشوف المَزيرة اللي كان بيوصف شكلها بأنها ست جميلة اوي وعينها أزرق ولها ديل، لما ما بقاش يشوفها رزقه زاد، وغير كده وكده كمان هو بيقول انه فضل محافظ على الحجاب لحد ما في يوم الناس لقته ميت في ورشته، لكن بعد ما مات بقى الكلام كتر أوي .. والناس قالوا انه مات لما ضيع الحجاب منه، وناس تانية قالوا انه مات بسبب انه عمل عهد مع المَزيرة وبعد كده خلفه في هي موتته، وناس تالتة خالص قالت ان موضوع موته كان عادي لانه رجل عيان وصحته على قده .. اختلف كلام الناس يبني لكن الحاجة الوحيدة الحقيقية .. إن جنية الآبار او زي ما الناس سموها (المَزيرة) كانت موجودة فعلاً، وفضلت موجودة في الأماكن اللي فيها آبار لحد ما الأيام عدت والدنيا بقت عماء والميا دخلت البيوت من الحنفيات .. والآبار اللي الناس كانوا بيعملوها اتردمت والموضوع بعد كده بقى اسطورة ومش كتير اوي اللي فاكرينها .
لما جدتي حكتلي الحكاية ده قولتلها باستغراب ..
- يعني انتي عاوزة تقعنعيني، ان المَزيرة دي كان بتخطف الناس وتاخدهم معاها تحت الأرض ؟!
لما قولتلها كده ردت عليا ..
- الله اعلم .. كل اللي بحكيهولك ده مجرد كلام بيتنقل بين الناس، يعني ممكن يزودوا عليه أو ينقصوا منه، لأن مش كل الحكايات اللي بنسمعها او بنعرفها من ناس زمان، اتنقلت لنا زي ما حصلت.. وارد يكونوا بيزودوا حاجات ووارد يكونوا بيشيلوا منها حاجات .
لما قالتلي كدا رديت عليها ..
- وانتي بقى مقتنعة بموضوع المَزيرة ده وشايفة انه حقيقي ؟!
- والله يا ابني معظم الناس القديمة بيحكوا حكايات بتدور حوالين نفس الموضوع واكيد يعني مافيش دخان من غير نار يعني، وبعدين هو انا ايه اللي يخليني ماصدقش ان في جنية بالأسم دا !
ما الدنيا يا ابني مليانة حاجات غريبة واحنا أكيد مش عايشين لوحدنا، وانا بقى بصراحة مصدقة ان كان في مَزيرة، بس بيني وبينك كده.. انا مش مصدقة انها ممكن تزود لحد رزقه او تاحد حد معاها تحت الأرض، سعفان يا ابني رزقه زاد لأن الستات كانوا بيحبوا يفصلوا عنده هدومهم، وحتى لما مات ف هو مات موته طبيعية وماتخطفش ولا حاجة .
وقتها سرحت كده في الحكاية اللي سمعتها، لحد ما جدتي فوقتني من سرحاني وقالتلي ..
- تحب تسمع حكاية تانية يا واد ؟!
لما قالتلي كده مسكت الورقة والقلم وقولتلها ..
- طبعاً أحب.. احكي يا ست الكل .. احكي .
ابتدت تحكي وتقول ...
الحاجة سعاد لقوها ميتة في بيتها، عينيها كانت مبرقة للسقف وبوقها كان مفتوح عالآخر وكأنها شافت شيطان قبل ما تموت، بس لو عايز تعرف هي شافت ايه، ركز في الحكاية اللي هحكيهالك دي وانت هتعرف كويس هي شافت ايه، أو بمعنى أصح .. هي شافت مين ..
يتبع ..
الروابط
آخر قصة : جاثام
صفحة الكاتب : من هنا
قصة : عفريت هنداوي