قصة باب الوداع الجزء الأول - قصص دراما رعب
بقلم : محمد شعبان
قومت جبت الورق والقلم، وأول ما بصيت لجدتي وقبل ما اقولها اي حاجة، لاقيتها بدأت تتكلم وتقول ....
- الحقوني.... الحقوني يا ناس.... بيتي هيتطربق فوق نفوخي، أرضية البيت وقعت وعملت حفرة كبيرة، الحفرة طلعت مليانة مساخيط، انجدونا يا عالم، الحقونا يا حكومة .
سيبت القلم من ايدي وبصيت لجدتي وقولتلها ....
- انتي بتقولي ايه يا ستي، بيت ايه ومساخيط ايه ، في فين القصة ؟!
- ما تقطعنيش وسبني اكمل يا موكوس .
- حاضر يا ستي... احكي وانا هسمعك، بس احكي من الأول وبالترتيب .
- يا واد ما هي بداية الحكاية من عند نهايتها، بداية الحكاية عند الحاج سعيد اللي في يوم خرج من بيته وهو بيصرخ وبيقول للناس الكلام اللي قولتهولك دا، بس قبل ما تسألني عن اللي حصل والي خلاه يخرج من بيته زي المجانين، خلينا نرجع لورا، حوالي 70 سنة واكتر ....
في أواخر الخمسينات ووقت ما الانجليز كانت شوكتهم ضعفت في مصر، في الوقت دا وبعد الثورة بتاعة الظباط الأحرار، الغلابة في مصر بدأوا يشموا نفسهم شوية؛ ومن ضمن الغلابة اللي ربنا رزقهم بقرشين، كان الحاج عبد البديع ...
عمك عبد البديع دا كان راجل فلاح وطول بعرض كدا، جه من القليوبية وبقى عنده تجارة في القاهرة، وطبعاً عشان يبىقى جنب تجارته باستمرار، كان لازم ياخد بيت قريب من المحل بتاعه، الراجل دا كان معاه قرشين حلوين يعني ورثهم عن أبوه، وعشان كدا جه القاهرة وخد حته أرض عند مدحل مدافن باب الوداع، وعلى حته الأرض دي، قال انه هيبني بيت هيعيش فيه وهو مراته كانت وقتها مخلفاله ولدين صغيرين، المعم ان الراجل خد الأرض وجاب مقاول وابتدا يبني البيت، بس وقت ما كان المقاول بيحفر عشان يعمل أساس للبيت قبل ما يتبني، العمال اللي كانوا شغالين في الحفر لقوا حاجات غريبة أوي يا ابني ...
العمال لقوا مصاحف عثمانية ومخطوطات، وغير كدا كمان، لقوا كذا جرة فخار جواهم تراب لونه رمادي !
وقتها المقاول شاف الحاجاات دي وقال لعبد البديع على اللي لاقاه، ولما راح عبد البديع وشاف الحاجات الي لاقوها في الأرض، مابقاش عارف يعمل ايه، هل يبيعهم ويكسب فلوس كتير ولا يسلمهم للحكومة ؟
فضل محتار وسأل كل اللي حواليه، لحد ما جه شيخ من المنطقة وقاله على حل تالت غير الحلين اللي كان بيفكر فيهم؛ الشيخ يا ابني قاله بالحرف كدا ...
(شوف يا حاج... الحاجات دي أثارات اسلامية، يعني مبروكة ببركة جد الحسين وأولياء الله الصالحين اللي دفنوها في المكان دا، وانا بقى شايف انك تخليها ببركتها وتبني عليها البيت... وصدقني، ربنا هيحفظ البيت وهيحفظك انت وأهل بيتك طول ما انت محافظ عليها في مكانها)
لما عبد البديع سمع الكلام دا من الشيخ، حيرته زادت ومابقاش عارف يعمل ايه، ما هو يا ابني الناس زمان... كانوا غلابة وطيبين أوي، ومعظمهم كانوا ما بيتعلموش... دا اللي كان بيهلص الابتدائية كان بيتقال عليه متعلم؛ ومن ضمن الناس دول طبعاً كان عبد البديع... عبد البديع اللي فضل محتار لمدة أيام وهو مش عارف يعمل ايه في الحاجة اللي مدفونة تحت الأرض، وبسبب جهله وقله علمه، مابلغش البوليس ولا عمل اي حاجة من اللي كانت في باله قبل ما يقول للشيخ، هو سمع كلام الشيخ وكلم المقاول وقاله ابني البيت على الحاجة الموجودة تحته، ما هو برضه يا ابني خاف لا الحكومة تعرف وتيجي تاخد الحاجة وتاخد منه حته الأرض، ودا طبعاً ماكنش هيحصل، وحتى لو كان حصل... فأكيد الحكونة كانت هتديله تعويض لو خدت الأرض يعني، لكن جهله وقله معرفته، خلوه زيه زي معظم الناس اللي كانوا بيسمعوا كلام الشيوخ وينفذوه ...
عبد البديع نفذ كلام الشيخ، وخلى المقاول يكمل بُنا البيت وتحته الأثارات الاسلامية اللي لاقاها، دا الناس بيقولوا يا ابني؛ ان العمال كانوا بيحطوا المصاحف اللي لاقوها جوا الاساسات بتاعة البيت، ولما حد منهم كان بيعترض او بيقول ازاي دا يحصل، كان المقاول وعبد البديع بيقلولهم ان دا كلام الشيخ، وانهم لما يعملوا كدا، ربنا هيبارك في البيت لانه مبني فوق مصاحف وأثار اسلامية.... جهل وتخلف واعتقادات كلها كانت غلط في غلط، بس مش دا المهم، المهم اللي حصل بعد كدا ....
البيت يا ابني اتبنة، والمقال والعمال خدوا فلوسهم، وجه عبد البديع هو ومراته وعياله عاشوا فيه، وفي نفس الوقت... اشترى الراجل دكان قريبة من البيت وخلاها مقر لتجارة الفاكهة اللي كان بيشتغل فيها وقتها، عاشوا في خير وسعادة كام شهر كدا، لحد ما الست مراته بقت حامل، ومع مرور الأيام، الست ولدت، بس وهي بتولد للأسف ربنا افتكرها، اه ماتت... بس قبل ما الست تموت، قالت للداية اللي كانت بتولدها، انها بتشوف حاجات غريبة في البيت، وساعات كمان بتمسع اصوات ناس بتتكلم وبتهمس في أوضتها هي وجوزها بليل ومش بس كدا؛ دا كمان عيالها كانوا بيسمعوا وبيشوفوا كل اللي هي بتسمعه وتشوفه، وطبعاً عبد البديع هو كمان كان بيحصله زي ما بيحصلهم، لكنه في الحقيقة كان مشدد عليهم وقايلهم ان ماحدش يجيب سيرة عن اي حاجة من اللي بتحصل في البيت، ولو هتقولي ليه قالهم كدا، فأنا هقولك انه خاف لا موضوع الاثار ده يتفتح تاني والناس بقى يقولوا ان البيت لازم يتهد والحاجة اللي تحته لازم تطلعـ وعشان كدا سكت عبد البديع عن اللي بيشوفه، وكمان خلى مراته وولاده مايجبوش سيرة للناس، وفضلوا على الحال دا لحد ما الست مراته ماتت زي ما قولتلك، وطبعاً بعد موتهاـ الراجل مابقاش عارف يعمل ايه، ما هو بقى مسؤول عن ودلين وبنت صغيرة لسه مولودة، بس الوضع ماستمرش كتير وبعد حوالي شهرين وشوية كدا من موت مراته، راح عبد البديع واتجوز واحدة ست ظروفها كانت قريبة من ظروفه، كانت ست متطلقة وعايشة في بيت أهلهاـ وابنها الوحيد اللي كانت مخلفاه من جوزها القديم، كان عايش مع ابوه، وبسبب ظروفها دي اتجوزها عبد البديع عشان تراعي بنته وولاده، وفعلاً يا ابني الست راعت العيال وفضلت عايشة مع الراجل من سكات، بس بعض الناس بيقولوا انها كانت بتسمع وبتشوف حاجات غريبة، زي مثلاً أصوات او خيالات بتحوم في البيت بليل، لكنها برضوا ماكنتش بتتكلم عشان ماحدش من الجيران يعرف حاجة ويقولوا ان البيت مسكونـ بس في بعض الناس بقى بيقولوا... ان الست دي ماكنش بيهمها لا جن ولا عفاريت، لانها ست قادرة وليها في السحر والأعمال والكلام دا كله، ولو هتقولي كان ليها في الحاجات دي ازاي او ليه الناس قالوا كدا، ف أنا هقولك... اسمع الحكاية للآخر وانت هتفهم ....
مع مرور الأيام، العيال ولاد الراجل ابتدوا يكبروا، وفي نفس الوقت، الست مراته الجديدة دي ماخلفتش منه لانها ماكنتش بتخلف من بعد ما جابت ابنها الأولاني من جوزها القديم، ويمكن موضوع عدم خلفتها دا، كان هو السبب في انها اتطلقت من الراجل اللي كانت متجوزاه قبل كدا، المهم ان الأيام مرت والعيال كبروا وعبد البديع كمان كبر، بس في الحقيقة الموضوع ابتدا يتغيرـ ولاد عبد البديع اللي بقوا شبابـ كانوا دايماً على خلافات مع مرات ابوهم، دا غير البنت طبعاً اللي الست كانت بتضرها وبتعاملها معاملة وحشة أوي، ودا بالرغم يعني من انها كانت هي اللي مربياها، إلا انها ست عاملة زي العقربةـ وبسبب معاملتها للعيال، في ماقدروش يتحملوا الشتيمة والتهزيق منها على الفاضي والمليانـ واتفقوا انهم في يوم هم التلاتة يقعدوا مع ابوهم ويقولوا انهم خلاص بقى ما بقوش قادرين يستحملوا الست دي وانه لازم يطلقها، وقعلاً ... قعدوا مع الراجل وقالوله انهم مش قادرين يعيشوا بالطريقة دي معاها، وفي وسط الكلام خيروه ما بينهم وما بين حياته معاهاـ لكن عبد البديع كان راجل فلاح وماكنش يقبل ابداً ان حد يشمي كلمته عليه، وعشان كدا زهق في العيال اللي شباب بالمناسبة يعني، وقالهم انه مش هيطلقها، دي هي اللي ربتهم وكبرتهم من بعد موت امهم، لكن العيال بصراحة... كانوا على آخرهم، قواله ان لو مطلقهاش، هيسيبوله البيت ....
(مافيش عيال بيمشوا كلامهم على ابوهم، انتوا دلوقتي كبرتوا وبقيتوا شبابـ اللي مش عاجبه العيشة معايا انا ومراتي، يغور في ستين داهية، الباب يفوت جمل، عايزين تطفشوا وتسيبوا البيت، اطفشوا وماترجعوش تاني، اظن دلوقتي انتوا كبرتوا وتقدوا تعتمدوا على نفسكوا وتشتغلوا ويبقى لكوا حياتكوا، وبالنسبة لاختكوا، ف دي هتفضل قاعدة معايا لحد ما يجيلها ابن الحلال وتتجوز... غير كدا انا مش هعمل، انا مش هطلق مراتي عشان عيالي اللي ماعرفتش اربيهم، عايزين يمشوا كلمتهم عليا)
سعد وسعيد اللي هم ولاد الراجل، بعد ما سمعوا الكلام دا من ابوهم، قرروا انهم ياخدوا بعضهم ويمشوا من البيت، بس قبل ما يمشوا، ابوهم حلف بالطلاق انهم خرجوا من البيت مش هيرجعوله تاني الا بعد موته، بس من الأخر العيال كدا ماههمش كلام ابوهم ولموا هدومهم وسابوا البيت؛ راحوا عاشوا في أوضة خدوها بالإيجار وابتدوا يشتغلوا ويصرفوا على نفسهم، ولأنهم ماكنوش متعلمين ولا كانوا بيفهموا في أي شغلانة غير شغلانة أبوهم اللي هي تجارة وبيع الفاكهة، قرروا انهم يشتغلوا نفس الشغلانة بس مع نفسهم وبعيد عن ابوهم خالص، جابوا عربية خشب او زي ما بنقول عليها عربية كارو، وراحوا اشتروا شوية فاكهة بالأجل من تاجر، وبدأوا يشتغلوا ويبيعوا عشان يقدروا يجيبوا مصاريف يومهم على الأقل، وفي نفس الوقت اختهم كانت اتدورت وبقت عروسة، ومع أول عريس اتقدملهاـ مرات عبد البديع زنت عليه عشان يوافق، وفعلاً وافق واتجوزت البت، والبيت وقتها مابقاش فيه غير عبد البديع ومراته... مراته اللي كل الناس كانوا بيقولوا انها ساحرة له، ما هو مش طبيعي يا ابني ان واحد يبيع عياله ويرميهم، عشان واحدة ست غريبة عنه وعنهم، وفي نفس الوقت كمان، الراجل كان بيسمع كلامها في كل صغيرة وكبيرة، وعشان كل اللي قولتهولك دا، الناس قالوا انها عاملاله سحر، وكمان كلام الناس ماكنش من فراغ لا الست دي عمها كان راجل من اللي بيشتغلوا في السحر والأعمال، فكان من الطبيعي يعني ان الناس تشك ان عمها ساعدها وعملها سحر عشان جوزها يفضل زي الخاتم في صباعها، بس تعرف.. كل كلا الناس كان ممكن يعدي ونقول انه مالوش اي لازمة لان الست عايشة مع جوزها ومحافظة عليه، بس اللي حصل بعد كدا، اكد كلام الناس كان صح ....
بعد ما العيال طفشوا والبت اتجوزت بكام سنة كداـ عبد البديع أحواله ابتدت تتغير، فلوسه ابتدت تقل، وصحته كمان بقت في النازل، وفي نفس الوقت برضوا... مراته كان بيحصلها العكس، صحتها كانت كويسة اوي، ولبسها وشكلها كانوا بيقولوا تقريباً كدا بتشطب على فلوسه الراجل شوية بشوية، كانت بتشتري دهب كتير أوي وكانت بتستغل الراجل في كل حاجة، لحد ما مع الوقت، فلوسه بدأت تخلص وتجارته ابتدت تخسر، والدكان اللي كان حيلته اتقفل بسبب الديانة، ومرة واحدة يبني وبين يوم وليلة، الراجل نام وصحي مالقاش الست !
ايوا يبني، الولية سابته وطفشتـ بس قبل ما تطفش، خدت معاها كل حاجة غالية من البيت، خدت دهبها كله وكل مليم الراجل كان شايله في الدولاب، واللي اتعرف بعد كدا، ان الست دي طفشت مع عيل من سن ابنها كان فيه ما بينه وبينها علاقة استغفر الله العظيم يعني، المهم ان عبد البديع لما نام وصحي واكتشف انه مراته ضحكت عليه وهربت مع عيل اصغر منه، الراجل ماستحملش ووقع من طولهـ وعقبال مالناس اللي في المنطقة فوقوه وودوه المستشفى، كان الراجل تعب أكتر، وعقبال ما وصل للمستشفى، كانت حالته اتدهورت والجلطة اللي عنده بقت في حالة متأخرة أوي ...
ايوة ... الراجل جتله جلطة، وبيني وبينك كدا، الدكاترة وقتها حاولوا معاه بس للأسف، امر الله كان نفذ والراجل بقى مشلول، وفضل على الحال دا، لحد ما بعد فترة خرج من المستشفى وراح بيته، وطبعاً بعد ما رَوح، ماحدش كان قاعد معاه غير بنته، بنته اللي اول ما عرفت ان ابوها تعبان ومحتاج رعاية، خدت جوزها وعيالها وراحت قعدت معاه عشان تاخد بالها منه، وفي نفس الوقت برضوا، جوز البت، راح وبلغ سعد وسعيد باللي حصل في ابوهم، وبالرغم من كل اللي عمله فيهم، إلا انهم اول ما عرفوا انه تعبان ومحتاج لوجودهم جنبه، سابوا كل اللي في ايديهم وراحوا عاشوا معاه، الراجل اول ما شافهم فضل يعيط وهو ندمان على اللي عمله فيهم، كان عاوز يعتذرلهم او يقولهم سامحوني، لكن للأسف... الآوان كان فات، عبد البديع الراجل الفلاح الشديد، المرض هده ومابقاش قادر يقوم من مكانه ولا حتى بقى قادر يتكلم، وفضل كدا يا ابني لحد ما بعد شهور اتوفى، اه... ما هو ماقدرش يستحمل اللي حصل مع مراته ولا طبيعة مرضه، ومن الحزن والقهرة ماقدرش يستحمل ومات، ومن بعد موت عبد البديع بقى والحكاية ابتدت تاخد شكل تاني خالص .....
سعد وسعيد عاشوا في بيت ابوهم، بس سعد وسعيد ما بقوش زي ماكانوا قبل ما يسيبوا البيت، العيال الصغيرة اللي كانت بتخاف من مرات ابوهم وشوية اصوات وخيالات بيظهروا في البيت على فترات، ما بقوش هم هم نفس العيال، دول كبروا وبقوا شباب، واللي بقى يخوفهم لما كبروا بقت حاجة اكبر من الأصوات ومن الخيالات ومن العقاريت ذات نفسهاـ اللي بقى يخوفهم هو وحش كاسر مالوش لجام اسمه الفقر، الشابين ماكنش حيلتهم اي حاجة غير البيت والعربية الكارو اللي كانوا شغالين عليها، وعشان يخلصوا من وحش الفقر اللي بقى بينهش في جتتهم يوم عن يوم، قرروا انهم يقلبوا في دفاترهم القديمة، افتكروا حكايات البيت قبل ما يتبني والأثارات المدفونة تحته، وعشان كدا.... جابوا واحد من اللي بيطلع الأثارات وحكوله الحكاية كلها، قالوله ان ابوهم بنا البيت دا على مصاحف أثرية وعلى حاجات من أيام العصر الاسلامي، وطبعاً الراجل اللي جابوه سمع الكلام دا وسأل المشايخ والناس القديمة اللي في المنطقة واتأكد بنفسه من ان كلامهم مظبوط، بدأ بقى في جلسات تحضير وبخور، وابتدا كمان يَعزم في كل اوضة من اوض البيت عشان يعرف الكنز او الحاجات القيمة دي مدفونة فين بالظبط .
وقتها قاطعت جدتي وقولتلها ...
- يعني ايه يَعزم يا ستي !
ردت عليا وقالت ...
- يعزم يا واد، يعني بيقول عزايم عشان يحضر بيهم الجن، وفعلاً الراجل حضر عمار المكان وعرف عن طريقهم مكان الحاجة المدفونة تحت البيتـ ما هو مش معقول يعني كانوا هيحفروا في كل مكان في البيت عشان يلاقوا الحاجة، هو الشيخ قدر يعرفلهم مكان الحاجات القيمة وخلاهم حفروا في المكان دا وقدروا انهم يوصلوا للحاجات اللي كانوا بيدوروا عليها، سعد وسعيد حفروا في أوضة جوه البيت، وتحت الأوضة دي لقوا كام صنية دهب ومعاه كام كتاب أثريـ دي غير طبعاً الكام جرة او الكام زلعة الفخار اللي لاقوهم، ولما دوروا جوه التراب اللي في الزلع دي، لقوا جواه كام خاتم دهب على كام كتاب ومصحف من اللي مكتوبين بالخط العثماني، طبعا هم لما لقوا الحاجات دي خدوها وباعوها وادوا للشيخ نصيبه وبعد كدا ردموا الحفرة من تاني وحطوا بلاط مكانها ولا كأن حاجة حصلت، بس يا ابني الأثار الاسلامية والدهب والكتب اللي لاقوها سعرها ماكنش غالي اوي زي م انت فاكر، دي مش أثار فرعونية عشان تتباع بملايين هم باعوها بكام الف جنية، خد نصهم الشيخ اللي هم جابوه، والباقي خدوه هم وجددوا بيه البيت ويادوب اشتروا دكانة صغيرة كدا وكل واحد منهم اتجوز وعاشوا سوا في البيت، بس الحكاية مابتنتهيش لحد هناـ ودا ببساطة لان واحد من الجيران شك في سعد وسعيد، ما هو مش عادي برضوا يا ابني ان بين يوم وليلة كدا يشتروا دكان ويجددوا البيت وكمان يتجوزوا، دول اساساً مكانوش لاقيين يشتروا جلاليب جديدةـ وبسبب تغير حالهم دا، واحد من الجيران شك فيهم وراح بلغ البوليس، الراجل قال للبوليس ان سعد وسعيد لقوا اثار تحت البيت وباعوها وخدوا فلوسها، كان راجل حقود واستكتر على ولاد عبد البديع انهم يعيشوا زي بقيه خلق الله، لكن الحكومة لما عرفت منه الكلام دا وراحت فتشت في البيت مالقتش حاجة، ما الحاجة كانت تحت البيت يا ابني طلعت واتباعت وكل حي خد نصيبه وخلصناـ وكمان وقتها الحكومة كانت مش فاضية انها تسأل وتحقق عن الموضوع من اوله بسبب النكسة وبعدها حرب 73 ... وعشان كدا الحكومة ماعملتش اي حاجة لسعد وسعيد وسابتهم عايشين زي ماهم عايشين، أما جارهم بقى ف دا هيتجنن، ازاي اولاد عبد البديع بتوع الفاكهة، يلاقوا كنز ويبيعوه ويتمتعوا بفلوسه وهو ساكن قصادهم ومش لاقي حق كيلوا اللحمة لا هو ولا عيالهـ بس يا ابني زي ماقولتلك... ماحدش قدر يمسك عليهم حاجة والموضوع عدى وعاشوا حياتهم هم ومراتتهم وعيالهم جوا البيت لحد ما ابتدت تحصلهم حاجات ملهاش تفسير، حاجاات الله اعلم سببها الأرض والبيت، ولا سببها حسد الناس اللي حواليهم، مش مهم اوي السبب ... المهم الحاجات اللي حصلت دي، كانت عبارة عن ايه !!
سعد اللي هو الأخ الصغير، بدأً يشوف ويسمع هو ومراته وعياله، نفس الحاجات اللي كانوا بيشوفوها وبيسمعوها هو واخوه وقت ما كانوا عايشين في البيت وهم صغيرين، اصوات ناس بتهمس، وخيالات لناس بتتمشى في البيت بليل، دا غير طبعاً الكوابيس اللي ماكنتش بتفارقهم، ولو هتقولي اشمعنى سعد هو ومراته وعياله كانوا بيشوفوا وسعيد وعيلته لأ، ف انا هقولك ان سعيد ومراته وعياله هم كمان كانوا بيشوفواـ لكنهم كانوا بيسكتوا وما بيتكلموش ودا بناءً على طلب سعيد.... سعيد عمل زي ابوه وقال لكل اللي في البيت ماحدش يتكلم ولا يجيب سيرة للناس عن اللي بنشوفه، ودا طبعاً منعاً للشوشرة وكمان عشان موضوع الكنوز اللي تحت البيت دا مايتفتحش من تاني، كل اللي في البيت سمعوا كلامه إلا مرات سعد، دي بقى مستحملتش اللي كانت بتشوفه كل ليلة، ولما طلبت من جوزها انهم يمشوا من البيت وياخدوا شقة ليهم لوحدهم، جوزها رفض وقالها ان دا بيت ابوه وانه مستحيل يسيبه ويمشي عشان شوية اصوات وخيالات، ووقتها حصلت بينهم مشكلة كبيرة اوي انتهت بانها خدت عيالها وراحت عند اهلهاـ أما سعيد بقى، فده وقف جنب اخوه وقاله ولا يهمك يا اخويا... الست اللي ماتستحملكش، انا هجوزك غيرها في ظرف كام يوم ...
بس الحقيقة يابني سعيد مالحقش يجوز اخوه ولا اخوه لحق يتجوز ولا يعمل اي حاجة في حياته، ودا لانه بعد فترة من المشكلة اللي حصلت بينه وبين مراتهـ وفي ليلة كان نايم فيها سعد في اوضته لوحده، فجأة كدا قام يصرخ في عز الليل ولما سعيد وعيلته راحوا عشان يشوفوا ماله، لقوه عمال يتشنج ويزعق وهو عمال يقول ...
(أنا شوفتهم ... شوفتهم وهم بيشيلوا الحاجات في حفرة تحت البيت، قالولي ان الأرض دي مليانه كنوز، وقالولي كمان انهم هيموتوني انا وانت يا سعيد عشان خدنا الكنوز بتاعتهم، كانوا بيتكلموا عربي مكسر وبصولي وصرخوا، اشكالهم مرعبة يا اخويا... اشكالهم مرعبة، انا خايف.... خايف اوي يا سعيد... هاتلي شيخ يقرا عليا، هاتلي شيخ يصرفهم من البيت وإلا هيموتونا)
يتبع ...