قصة مخزن المكتبة - قصص رعب


قصة مخزن المكتبة

مخزن المكتبة

بقلم : محمد شعبان


حسيت إن شعر ايدي بيقف وجسمي كله بيقشعر، ونبضات قلبي ابتدت تزيد بشكل مش طبيعي ومش مبرر !

لكن كل اللي انا حسيت بيه ده مامنعنيش من إني اروح ناحية الباب وافتحه، المهم ان انا اول ما فتحته مديت ايدي ناحية اليمين ودخلت جوة الأوضة، وبحركة سريعة كده دوست على المفتاح اللي لقيته بسهوله وولعت نور اللمبة اللي كانت في سقف الاوضة، بس انا أول ما عملت كده ونورت النور...  فجأة لمحت قصادي راجل مشنوق في السقف... كان مشنوق بحبل متعلق في خطاف جنب اللمبة! 

أول ما شوفته غصب عني صرخت، ومع صرختي اللي طلعت مني غصب عني دي، فجأة سمعت صوت باب الشقة وهو بيتقفل بقوة، ومع صوت قفل او روعة الباب، فجأة برضه وزي ما كل حاجه حصلت فجأة؛ لقيت أنوار الشقة كلها اتقطعت!

انا مختار محمد مختار

اصحابي بينادوني بمختار مختار على أسم المدرب المصري  المشهور، او ساعات بيقولوا لي يا ( مُخ) لأن  انا بلبس  نضارة  نظر ومهتم شويتين  بعالم الكمبيوتر والتقنيات،  بالرغم من إنه مش  مجالي ولا تخصصي،  وده ببساطة لأن انا بدرس في الفرقة التالتة من كلية تجارة جامعة حلوان.. 

حكايتي بتبدي من شتا السنة اللي فاتت، تحديدًا في  بداية  العام الدراسي  اللي  فات،  في الوقت  ده كنت يشتغل  في  مكتبة،  ولما بقول مكتبة مابقصدش مكان  لبيع الكتب ولا  الروايات لأ،  انا بقصد محل لبيع مستلزمات وادوات المدارس،  لكن احنا  في مصر بنسمي المحل اللي  بيبيع الأدوات المدرسية والمكتبة..  مكتبة! 

ولو هتسألني ازاي انا بدرس وبشتغل، ف انا هرد واقولك إن  انا من عيلة بسيطة نوعا ما؛ والدي راجل عالمعاش ويادوبك معاشه بيقضي البيت وطلباته بالعافية، وخصوصًا بقي  أن عيلتي بتتكون من اتنين اخوات بنات، واحدة منهم في تانية ثانوي عام وقت ما حصلت الاحداث اللي هحكيها دي، والتانية في سنة تانيه اعدادي، يعني  بحسبة بسيطة كده، حاليًا اختي اللي اصغر مني في اخر سنة من الثانوية العامة، واختي اللي اصغر منها في أعدادية، وده معناه ان مصارفيهم كتير اوي وحملهم كبير على ابويا، ف انا بصراحة كده ماكنتش حابب ازود عليه الحمل واطالبه بمصاريف جامعتي او مماكنتش  الشخصية،  وعشان كده  ابتديت من الترم التاني  للسنة الأولى ليا في الجامعة،  إن انا اشتغل،  وبصراحة اشتغلت شغلانات كتير.. مره كاشير في سوبر ماركت،  ومرة ويتر في كافيه..  ومرة في مرة في مرة،  وفي كل مرة من دول،  كنت في الأخر  بسيب الشغل  لأسباب مختلفة، وفضلت اتنقل من الشغلانة دي للشغلانة دي،  لحد ما مع بداية دخول المدارس في السنة اللي  فاتت، لقيت مكتبة  طالبة شاب للعمل، ولما روحت سألت عن المرتب وعن متطلبات الشغلانة،  اكتشفت انها شغلانة متفصلة عليا...  يعني  من الأخر كده مرتبها كان  كويس اوي، وكما عدد ساعاتها اللي كانوا ٨ ساعات، كانوا مناسبين ليا جدًا لأنهم بيبدأوا من الساعة اربعة العصر، لحد الساعة ١٢ بالليل، وكمان كان مطلوب ان اللي يشتغل في  الشغلانة دي يكون بيعرف يشتغل على الوورد والأكسل كويس، وانا بصراحة والحمد لله يعني، كنت بعرف اعمل كل ده، وكمان المرتب وعدد ساعات الشغل كانوا مناسبين ليا جدًا، ده غير ان الراجل صاحب المكتبة لما قعدت واتكلمت معاه؛ اكتشفت انه راجل محترم لأبعد الحدود، ف من الأخر كده هو ارتاح لي وانا كمان ارتحت له ونزلت عنده الشغل من غير أي مشاكل ولا تعقيدات، أو انا كنت فاكر اني مش هقابل مشاكل ولا تعقيدات لحد ما حصل اللي غير وجهة نظري تمامًا... 

الموضوع بدأ من يومها، كان أول يوم لدخول الطلبة للمدارس.. وفي اليوم ده بيبقي معروف يعني ان المكتبات او محلات بيع الادوات المدرسية، كلها بتكون زحمة لأن الطلبة وأولياؤ الامور بيقوا جايين عشان يشتروا الأدوات اللي اتطلبت من أولادهم يومها، المهم ان انا في اليوم ده طلع عيني في الشغل انا وعم (محمد) الراجل الكبير اللي بيشتغل معايا في المكتبة، ومن الأخر كده هو اللي المفروض بتعلمني الشغلانة ماشية ازاي، بصراحة كده انا وهو طلع عنينا يومها وفضلنا واقفين على رجلينا من اول ما الوردية ابتدت، وطبعًا في الوقت ده كان صاحب المكتبة قاعد على مكتبه لأنه كان المسؤول من حساب الزباين... 

فات اليوم بصعوبة لأن زي ما قولتلك طلع عيني يومها و ماقعدتش على رجلي طول ال ٨ ساعات، بس بعد ما الوردية خلصت والساعة جت ١٢.. وقتها لقيت صاحب المكتبة بيطلب مني ان انا اقعد شوية كمان لأن المكتبة كان لسه عليها زحمة، في الأول بصراحة رفضت، لكنه قال لي انه هيحسب لي الساعة ولا الساعتين اللي هقعدهم بيومية كاملة، وعشان كده وافقت وقعدت وفضلت شغال انا وعم محمد لحد الساعة واحدة ونص بالليل، في الوقت ده كانت الرجل ابتدت تخف من الشارع، والمكتبة مابقاش فيها زباين خالص، وعشان كده صاحب المكتبة قفل الحساب واعتذر لي عن ان انا قعدت وقت زيادة، وقال لي ان ده موسم وهو بيستناه من السنة للسنة، لكن انا بصراحة ماكنتش زعلان لأنه وعدني انه هيعوضني ماديًا زي ما قال، المهم ان الراجل بعد ما  قفل حساب اليوم وبعده كده اتكلم معايا، طلع من جيبه مفتاح المكتبة واداه لعم محمد وقال له اننا لازم نوضب المكتبة ونرتبها وبعد كده هو يبقي يقفل ونروح، خلص صاحب المكتبة كلامه مع  عم محمد  وبعده  كده  روح، بس اول ما روح لقيت  عم محمد  بيقولي..  

انا عارف انك تعبان وعايز تروح، وانا كمان والله يا ابني تعبان ونفسي ارتاح زي بقية خلق الله، بس مش هينفع نروح بيوتنا الا نوضب المكتبة عشان لما اجي الصبح، اعرف اقف اشتغل في روقان، والأهم من ده كله بقي ، ان احنا لازم قبل ما نروح ، ندخل المخزن عشان نجيب الكشاكيل والكراريس اللي خلصت من عندنا ، ونحطها في المكتبة عشان لو الناس جت طلبتها الصبح تلاقيها .

بعد ما عم محمد قال لي كده قولتله باستغراب ..

-مخزن!.. مخزن ايه ؟!.. هو احنا عندنا مخزن ؟!

رد عليا وهو بيخرج من باب المحل وبيشاور بإيده ناحية باب العمارة اللي جنبنا ..

-ايوة يا ابني .. عندنا مخزن في الشقة اللي في الدور الأرضي في العمارة 
اللي جنبنا دي ، انا هدخل المخزن دلواقتي افتحه وانور النور ، وبعد كده هخرج الكشاكيل والكراريس واحطهم في حوش العمارة ، وانت خليك هنا عشان مافيش حاجة تتسرق ، ولما ابقي انادي عليك ، ابقي تعالي شيل الحاجة اللي في الحوش ودخلها المكتبة .. رصهم مكان الكشاكيل اللي نقصت وابدأ وضب في الدنيا كده لحد ما انا اظبط شوية حاجات في المخزن وهبقي اخرجلك بعد كده .

وفعلاً .. دخل عم محمد المخزن وغاب حوالي عشر دقايق ، بعدهم سمعته وهو بينادي عليا وبيقولي ادخل اخد الحاجات اللي في الحوش ، ف دخلت خرجت الكشاكيل والكراريس وحطيتهم في المكتبة وبدأت اروق فيها لحد ما بعد شوية خرج عم محمد وساعدني ، وبعد ما خلصنا شغل خالص قفلنا وكل واحد روح بيته ، لما دخلت البيت كنت مهدود بصراحة ف أكلت ونمت وصحيت تاني يوم متأخر ، قعدت مع اخواتي وابويا وامي شوية وبعد كده غيرت هدومي ونزلت المكتبة ، واللي حصل في اليوم اللي قبل كده حصل برضه في اليوم ده ، كان علينا زحمة لأن تاني يوم في دخول المدارس بيبقي زي أول يوم ، وبرضه بعد ما الساعة عدت 12 .. كان في زباين كتير وصاحب المكتبة قال لي ان انا لازم برضه اسهر ووعدني هيعوضني عن سهري ده بمكافأة محترمة اخر الشهر ، ف بصراحة وافقت لأن الراجل كان محترم لأبعد الحدود ، وبعدين مافيش حد عاقل يعني هيقول للفلوس لأ .ز وعشان كده قعدت لحد الساعة واحدة بالليل ، وقتها الزباين كانوا مشيوا ومابقاش في حد ، ف صاحب المكتبة ادي المفتاح برضة لعم محمد وبعد كده روح ، بس يومها بقي بعد ما الراجل مشي ، لقيت عم محمد بيقول لي 

-معلش يا مختار .. انا تعبان اوي يا ابني ومش قادر اشيل حاجة لأن ضهري مقطوم من الوقفة طول النهار ، خد انت مفتاح المخزن ، وخد معاك ورقة النواقص اللي هكتبهالك ، وهات اللي مكتوب فيها من جوة وخرجه في الحوش ، وبعد ما تخلص رص كل حاجة في مكانها ، اخرج خد الحاجة اللي في الحوش وجيبها هنا في المكتبة 

بصراحة بعد ما خلص كلامه كنت عاوز اتخانق معاه واسيبه وامشي ، ما هو يعني ايه يعني ضهره مقطوم ومش قادر يشيل !

ما انا كمان كنت واقف طول النهار وطالع عين أهلي ومافتحتش بوقي يعني !

بس في الأخر قدرت امسك نفسي وعذرته لأنه راجل كبير في السن ، وخدت المفتاح منه وورقة النواقص ودخلت المخزن .ز

المخزن اللي كان عبارة عن شقة بابها في وش مدخل العمارة اللي كان شبه ضلمة بالمناسبة يعني .. لأنه ماكنش فيه لمبة تنوره ، بس انا ماهتمتش لا بضلمة الحوش ولا بريحته الكريهة وخدت بعضي وروحت ناحية الباب اللي قدرت اشوف مكان المفتاح فيه عن طريق النور اللي كان جاي من الشارع ، بس انا أول ما فتحت الشقة حسيت بحاجة غريبة ، حسيت بهوا سخن او ريحة غريبة كده جاية من جواها !

بس كل ده ماكنش مهم ، لأن انا فجأة كده حسيت بقبضة غريبة وعدم راحة اول ما مديت رجلي ودخلت الشقة ، لكن كل ده ماهمنيش برضه لأني كنت عاوز اخلص شغلي يومها بسرعة واروح لأني كنت تعبان اوي من كتر الوقفة ، وعشان اخلص وانجز بسرعة ، دخلت الشقة او المخزن ده ، وبدأت ادور علي مفتاح انور عن طريقه المكان لحد ما أخيراً وصلتله لما لقيته جنب الباب ، فتحت المفتاح .. ف الشقة نورت .ز وابتديت اجيب النواقص اللي مكتوبة في الورقة اللي كانت في إيدي من البضاعة اللي كانت مرصوصة علي الأرض ، بس وانا بقلب في رصات الكشاكيل وبجيب النواقص ، أخدت بالي ان مافيش كشاكيل ولا كراريس من نوع معين كان مكتوب في الورقة ، وعشان كده سيبت باب المخزن مفتوح وخرجت وقفت في الحوش وناديت علي عم محمد اللي لما جه ووقف قصاد باب العمارة قال لي ..

-خير يا ابني .. في حاجة ؟!

وقتها رديت عليه وقولتله..

-طب دلواقتي يا عم محمد انا مش لاقي لا كشاكيل ولا كراريس انجليزي ولا مربعات ، اجيب اللي انا لقيته واجي ؟!

لما قولتله كده رد عليا وقال لي ..

-لا يا ابني .. هتلاقي كشاكيل الانجليزي والمربعات والرسم ، في الأوضة اللي علي اليمين وانت داخل ، افتح بابها وبعد كده افتح النور وانت هتلاقيهم مرصوصين عالأرض ، اه صحيح .ز هتلاقي مفتاح النور علي ايدك اليمين ، ويلا يا ابني انجز عشان احنا لسه هنوضي المكتبة .

لما قال لي كده قولتله حاضر ودخلت عشان اعمل زي ما قال لي ، بس انا اول ما دخلت الشقة ورحت ناحية الاوضة دي ، حسيت بأحساس غريب اوي ماقدرتش افسره وقتها ، انا حسيت ان شعر إيدي بيقف وجسمي كله بيقشعر ، ونبضات قلبي ابتدت تزيد بشكل مش طبيعي ومش مبرر !

لكن كل اللي انا حسيت بيه ده مامنعنيش من إني اروح ناحية الباب وافتحه، المهم ان انا اول ما فتحته مديت ايدي ناحية اليمين ودخلت جوة الأوضة ، وبحركة سريعة كده دوست علي المفتاح اللي لقيته بسهولة وولعت نور اللمبة اللي كانت في سقف الاوضة ، بس انا أول ما عملت كده ونورت النور .. فجأة لمحت قصادي راجل مشنوق في سقف الأوضة بحبل جنب اللمبة !!

أول ما شوفته غصب عني صرخت، ومع صرختي اللي طلعت مني غصب عني دي ، فجاة سمعت صوت باب الشقة وهو بيتقفل بقوة ، ومع صوت قفل او رزعة الباب ، فجأة برضه وزي ما كل حاجة حصلت فجأة؛لقيت انوار الشقة كلها اتقطعت !

وقتها فضلت اجري والوش في الشقة زي المجانين وانا بنادي علي عم محمد ، بس وانا بجري في ضلمة وبتحسس المكان من حواليا زي العميان ، خبطت في حاجة كنت فاكرها في الأول حيطة ، بس لما لمستها بإيدي اكتشفت انه بني أدم .ز بني أدم واقف قصادي.. مابيتحركش ولا بيطلع منه أي صوت ولا حتي صوت نفسه ، وعشان كده بلعت ريقي بالعافية ورجعت لورا خطوتين وبسرعة مديت ايدي في جيبي وطلعت موبايلي اللي معارفش ماجاش في بالي ازاي أن انا انور بيه من أول ما النور اتقطع ، بس هنعمل ايه بقي ،قدري .ز قدري ان الخضة تخليني ماعرفش افكر وقتها ولا اطلع الموبايل ، وبعد كده اطلعه اول ما اخبط في الشخص اللي لقيته ده ، المهم ان انا لما طلعت موبايلي ونورت الكشاف بتاعه ووجهته ناحية الشخص اللي كان واقف قصادي ، مالقتش حد ! 

حمدت ربنا وقتها وقولت ان انا بيتهيألي وروحت ناحية باب الشقة عشان افتحه واخرج، لكني اول ما اتحركت خطوة واحدة لقدام ، فجاة سمعت صوت جاي من الأوضة اللي كنت جواها وشوفت فيها الراجل المشنوق ده ، ف غصب عني وبحركة لا أرادية مني كده بصيت ناحيتها عشان الاقي فيها راجل لابس قميص شكله قديم وبنطلون لونه غامق ، كان واقف عند باب الأوضة وبيبرق لي ، بس انا اللي خوفني منه مش شكله اللي شوفته لما وجعت كشاف الموبايل ناحيته لأ .. انا اللي رعبني هي رقبته اللي كانت مكسورة ومايلة علي الجنب كده ناحية الشمال ، وقتها أدركت ان ده هو هو نفس الشخص اللي شوفته مشنوق قصادي من شوية ، وأدركت كمان انه عفريت وإنه مش ممكن يكون بني أدم أبداً ، وعشان كده وجهت نور الكشاف ناحية الباب وطلعت اجري عليه ، بس وانا بجري فجأة لقيت نفسي بتكعبل او بقع في حاجة ماعرفتش في الأول هي أيه ، لكن لما وقعت أدركت ان انا اتكعبلت  في الكشاكيل اللي مرصوصة في صالة الشقة ، المهم ان انا لما وقعت صرخت وقتها بصوت عالي وطبعاً حطيت ايدي علي وشي لاني حسيت بالم فظيع في راسي ، بس فجأة ومن غير اي مقدمات .. ، لقيت نور الشقة نور وبعد كده سمعت صوت بابها وهو بيتفتح ..!

الرعب وقتها كان وصل بيا لأقصي مدي ، لكن اللي طمنني بعد كده .. هو ان انا لقيت عم محمد هو اللي بيفتح الباب وبيدخل ، واول ما شافني واقع علي الارض وسط الكشاكيل قومني وسندني وخرجتي برة المخزن خالص ووداني المكبتة ، شربني ماية واطمن ان انا كويس وماتعورتش ، بس انا وقتها ماكنتش مدرك لأي حاجة من اللي حواليا ، انا كنت عامل زي اللي مذهول ومش قادر ينطق ، وفضلت علي الحال ده لمدة دقايق كده وعم محمد بيحاول يفهم مني ايه اللي حصل ، لحد ما بعد شوية بدأت اتماسك وحكيت له كل اللي حصل معايا ، بس بعد ما حكيتله ، سألته عن النور اللي قطع فجأة ورجع فجأة  ، وقتها عم محمد اتكلم وقال لي ..

-انا كنت قاعد يا ابني وماسمعتش لا الباب وهو بيتقفل ولا صوتك وانت بتصوت اول مرة زي ما بتقول ، ولا حتي سمعت اي حاجة من اللي انت قولته ده كله ، انا بس سمعتك فجأة وانت بتصرخ وفجأة سمعت صوت خبطة جامدة ، ساعتها قومت من مكاني جري وروحت ناحية الشقة اللي لقيت بابها مقفول ، بس اللي لفت نظري ان انا لقيت مفتاح الكهربا اللي في حوش العمارة نازل لتحت ، ولو هتقول لي ايه اللي خلاني ابص عليه من اصله ، ف انا اتوقعت ان النور اتقطع عليك وانت جوة ، وعشان كده صرخت ، ما هو يا ابني المفتاح ده بايظ وتملي بتحصل فيه قفلة وانا متعود دايماً ارفعه لما بينزل ، المفتاح ده هو المسؤول عن نور الدور الأرضي اللي  مافهيوش غير الشقة دي ، المفتاح ده أصلاً بايظ وقتها قاطعته بعصبية..

-مفتاح ايه اللي بايظ ونور ايه اللي بيقطع ، انا بقولك شوفت راجل مشنوق جوة وانت تقول لي مفتاح ونور .. هو في ايه يا عم محمد ، مين الراجل اللي انا شوفته ده ؟!

وقتها عم محمد ظهر علي ملامحه الخوف لأول مرة من يوم ما شوفته تقريباً ولقيته بيقول لي..

-ماهو تلاقي الراديو اللي جوة قطع زي عواديه ، انا غلطان اني خليتك تدخل، بس الحمدلله جت سليمة ، انا مش هدخلك تاني لوحدك .. انا هبقي ادخل معاك بعد كده ، او ماتدخلش خالص ، انا هبقي ادخل لوحدي.

كنت هتجنن بسبب كلامه ، وعشان كده اتعصبت عليه وقولتله..

-يا عم محمد انت بتتهرب ليه ، ايه اللي انا شوفته جوة ده ، وبعدين انا مايهمنيش بقي ادخل بعد كده ولا مادخلش ولا يهمني ام الشغل ده خالص ، انا عاوز اعرف دلواقتي حاجة .ز ايه اللي انا شوفته جوة ده ، ومين الراجل المشنوق اللي ظهر وفجأة كده .. ومع ظهورة النور اتقطع ، وفجأة برضه ظهر تاني ، وفي الأخر اختفي لما انت دخلت .. ما تفهمني يا عم محمد هو في ايه!

لما قولتله كده ارتبك شوية وحاول يتوه في الكلام ، بس لما اصريت انه يفهمني .. ابتدا يحكي ويقول..

-احمد عبد الرازق، ده كان راجل عايش في الشقة دي لوحده ، كان غلبان اوي وكان في حاله ، بس في يوم الناس فجأة اكتشفوا انه مابيظهرش، وفي نفس الوقت الناس اللي كان بيشتغل معاهم جُم وسالوا عليه ، وقتها يا ابني انا ومعايا ناس من الجيران اتلمينا قصاد باب الشقة وفضلنا نخبط عليه..لكنه ماكنش بيفتح ، ولما واحد من اللي كانوا شغالين معاه في المكان اللي كان بيشتغل فيه ، رن علي رقم موبايله ، سمعنا صوت التليفون وهو بيرن من جوة الشقة، وعشان كده الناس قالوا انهم لازم يكسروا الباب ويشوفوا هو مابخرجش ليه .ز لا يكون تعب ولا جراله حاجة لأنه عايش لوحده، وفعلاً يا ابني اول ما كسرنا الباب ودخلنا الشقة، لقينا الراجل شانق نفسه في اوضة من الأوض ، طبعاً الناس وقتها كانوا مذهولين من المنظر، بس بعد ما فوقنا من الصدمة ، اتصلنا بالبوليس وهو جه خد الجثة ، واللي عرفناه بعد كده ان الراجل انتحر ، ولو هتقول انتحر ليه ف انا هقولك ماعرفش ، جايز يكون بسبب سوء المعيشة وضيق الحال ، وخصوصاً بقي وأن صاحب العمارة بيقول ان احمد مادفعلوش الإيجار لشهور قبل ما يموت ، ولما صاحب العمارة كان بيطالبه بيه ، كان بيقوله ان ظروفه المادية وحشة اوي ، وان الفلوس في المكان اللي هو بيشتغل فيه قليلة .. بس هو ماقداموش شغل من بعد الثورة غير ده ، المهم ان الموضوع اتقفل علي انه قضية انتحار واحمد اندفت في مدافن الصدقة لأن ماكنش له حد يسأل عليه ، وبعد كده عملناله عزا وبعد كام شهر كده ، صاحب العمارة أجر الشقة لعيله ، بس العيلة ماقعدتش كتير لأانهم كانوا بيسمعوا طول الليل صوت راجل بيعبيط واوقات كانوا بيشوفوا ضل بيتمشي في الشقة بالليل ، ف من الاخر كده عزلوا في اقل من شهر ، وبعد ما الشقة اتقفلت وفضلت فاضية لشهور ، جت عيله تانية سكنت فيها وحصل معاهم نفس اللي حصل مع العيلة الأولانية وبرضه عزلوا ، ومن بعد ما العيلة التانية دي بقت مشيت ، فضلت الشقة مقفولة لمدة سنة وشوية تقريباً لحد ما الراجل صاحب العمارة اجرها للحاج صاحب المكتبة وقلبها مخزن ، وده بصراحة كان الحل الامثل ليها ، بس انا بقي من بعد ما خدناها وقلبناها مخزن ، كنت كل ما ادخل بالليل في وقت متاخر عشان اجيب منها حاجة ، كنت لازم اشوفه .. في الأول كنت بتخض وبصراحة كنت هبطل ادخلها تاني ، بس لما اتفقت انا والحاج صاحب المكتب علي اننا ندخل فيها راديو ونسيبه شغال باستمرار علي اذاعة القرأن الكريم ، مابقتش بشوف حاجة ، لكن طبعاً الراديو ساعات بيعطل وبيسكت لوحده، او جايز يكون بسم الله الرحمن الرحيم .. عفريت احمد يعني له علاقة بسكوت الراديو ، بس المهم ان انا كل ما ادخل والاقي الراديو مش شغال ، بدخل اشغله علي طول عشان اعرف اجيب اي حاجة من المخزن وانا مطمن، بس انا لما كبرت والحاج طلب ناس تشتغل معانا ، كنت بخليهم يدخلوا المخزن عشان يساعدوني وماكنتش برضي احكيلهم عشان ماخوفهمش او ماطفشهمش ، ومعظمهم بصراحة ماشافوش اي حاجة غريبة ، الا شاب اشتغل معانا السنة اللي فاتت وده حصل له نفس اللي حصل معاك تقريباً ، ومن تاني يوم ساب الشغل ومشي .ز اوعي تعمل زيه يا مختار يا ابني ، انا مش حمل ان انا اشتغل لوحدي.. خليك معانا وانا اقسملك بالله ما هدخلك المخزن ده تاني لوحدك أبداً.

بعد ما عم محمد قال لي كده رديت عليه وقولتله.

-ولا لوحدي ولا مع حد.ز سلاموا عليكوا .. انا ماشي يا عم.

فضل ينادي عليا لكني ماهتمتش بيه وسيبته ومشيت، روحت البيت وحلفت من يومها ان انا مارجعش الشغل ده تاني حتي لو فيها موتي ، ده الراجل سابني ادخل الشقة لوحدي وهو عارف انها مسكونة وكان فيها واحد منتحر، طب لو كنت اتأذيت او اتلبست ، كان هو هينفعني؟!

بصراحة لأ طبعاً، وعشان كده سيبت الشغل ده خالص وماسألتش حتي عن مرتب اليومين ولا التلاتة اللي اشتغلتهم ، والحمدلله دورت بعد كده علي شغل تاني في مكان احسن والحمدلله لقيت وربنا كرمني ومازلت فيه لحد النهاردة ، اما المكتبة بقي .. ف انا بقيت اتحاشي اعدي ما قدامها ولا حتي امشي من الشارع اللي هي فيه ، ده حتي صاحب المكتبة ماعبرنيش ولا اتصل بيا بعدها ، بس تعرف انا بحكيلك حكايتي ليه بعد ما فات عليها سنة تقريباً ، انا بحكيلك لأني النهارد ةبصحي مفزوع بسبب الكوابيس اللي بشوف فيها الراجل المشنوق ده ، ولو هتقول لي شغل قران وصلي وكل الكلام الجميل ده ، ف انا هقولك ان انا فعلاً بعمل كده ، بس برضه الكوابيس مابتسيبنيش .. انا عاوز حد يقول لي اعمل ايه او يقترح عليا حل ممكن يريحني ويخليني انام زي بقية خلق الله .....

Facebook


الروابط

آخر قصة : بئر يوسف 


صفحة الكاتب : محمد شعبان

تعليقات