قصة بئر يوسف - قصص دراما رعب قصيرة


قصة بئر يوسف - قصص دراما رعب 


بئر يوسف



 بقلم : محمد شعبان


من سنين... كان عاوز يرمي نفسه، بس في الوقت المناسب جه شخص وأنقذه، أما النهاردة بقى ... فللأسف، ماحدش هينقذه زي زمان، ولا حتى اعترافه بالذنب ممكن ينقذه من مصيره .... !

من وأنا صغير بشوفه، شوفته كذا مرة في المرايةـ ماكنش أنا، هو كان حد شبهي لكنه مش أنا، طلعلي من الضلمة ومن ظلم أبويا ليا، طلعلي من الحمام الضلمة اللي كنت بقعد أعيط فيه بالساعات، حاولت أموت نفسي وأنا صغير عشان أخلص منه، بس دي كمان فضلت فيها زي ما فشلت في التعليم وحاجات تانية كتير، دا أنا حتى فشلت في إن أنا اكسب رضا أبويا، بس دا مين كان هيكسب رضاه بالسهل كدا !

دا راجل دجال وكل ولاده بيكرهوه، كلهم ما صدقوا اتجوزوا عشان يسيبوه ويمشوا، إلا أنا ... أنا الوحيد اللي فضلت جنبه لحد ما كبر وعجز، المرض اتملك من جسمه، بس بيني وبينك، أن افضلت جنبه مش عشان هو أبويا... لأ، أنا فضلت جنبه عشان أعرف هو شايل حُجج أملاكه وثروته فين ؟

وبمجرد ما عرفت منه مكانهم في قعدة صفا، كلمت اخواتي ال 6 وقولتلهم إن احنا لازم ناخد الفلوس ونعيش ونتمتع بيها، بس أول ما اخواتي جُم البيت ووقت ما كنا بنتكلم في تقسيم الورث، ابويا سمعنا ... خرج من أوضته وهو بيزعق ....

- انتوا بتعملوا ايه يا ولاد ... بتقسموا ورثي على حياة عيني .... حسبي الله ونعم الوكيل .

أول ما شوفناه، كلنا اتاخدنا إلا اخويا الكبير، كرم بصله من فوق لتحت كدا وقاله بتريقة ...

- جرى ايه يا ... شيخ ريحان، انت هتعمل فيها شيخ بحق وحقيقي ولا ايه، ماتصلي على النبي كدا وادخل ارتاح عشان انت راجل على باب الله، رجل برة ورجل جوة .

اتعصب ابويا بزيادة وزعق أكتر ....

أنا ماعرفتش اربيك.... ولا عرفت أربيكوا كلكوا، اقسم بالله العلي العظيم يا ولاد ريحان، ماحد منكم هيشوف مليم واحد من الفلوس دي طول ما أنا لسه عايش، وانت بالذات يا خلفة العار ياللي عاملي فيها حنين وبتاخد بالك مني، وانت أصلاً قاعد معايا عشان تورث... انت بالذات مش هتاخد ولا مليم حتى بعد ما أموت .

قالي كدا وهو بيبصلي بعينه بتطق شرار، شيطان عجوز في هيئة راجل مريض لابس جلابية، قربت منه وقولتله بارتباك ...

- عمرك ما عاملتني بما يرضى الله، طول عمرك بتقول عليا إن أنا الخايب اللي قصرت رقبتك عشان مش نافع في حاجة، مع إن اخواتي كلهم سابوك ومشيوا، وأنا الوحيد اللي فضلت جمبك !

قرب مني ورد عليا بتحدي ....

طيب يا يوسف يا ابن الشيخ ريحان، انا هكتب وصية بإن محدش منهم يورث، كلكوا هتطلعوا من المولد بلا حُمص .

أول ما قال كدا، اخواتي كلهم قاموا وقفوا وقالوله بقلق ...

- انت بتقول ايه ؟!

رد عليهم بتحدي وبغل ....

- زي ما سمعتوا، وابقوا خلوا بقى الخايب اللي جابكوا دا، يديكوا ورثكوا غوروا يلا في داهية .

قربوا اخواتي منه، زقوه، زقهم، ضربهم بالعصاية اللي كانت في ايده، اللي كان متعود يتسند عليها وهو ماشي بسبب مرضه، وعشان كدا أول ما ضربهم بيها وقع على الأرض، بس وهو واقع، ضربني بالعصاية في رجلي وهو بيقول بتكبره وبعناده اللي اتعودت عليهم ....

- قومني يا ابن .... ، قومني يا خلفة الشوم .

خدت منه العصاية، اتعصب اكتر وبدأ يشتمنا كلناـ وقتها كرم اللي كان واقف ورايا قالي بعصبية ...

- اديله على نفوخه يا يوسف، ريحنا منه وريح نفسك .

بصيت لاخواتي، لاقتهم كلهم بيبصولي وبيهزوا راسهم بالموافقة، زي ما يكون كل واحد فيهم كان مستني اليوم دا عشان يخلص، كلهم كانوا عاوزين يقتلوه من زمانـ بس ماحدش فيهم كان عنده الشجاعة إنه يعمل كدا، إنما أنا بقى لأ... انا أه كنت زيهم من دقايق، بس دلوقتي أنا خلاص، الفرصة جتلي، افتكرت ضربه ليا بالخرطوم وحبستي في الحمام بالساعات، افتكرت الشخص ولا العفريت اللي شبهي دا، هو السبب في إنه طلعلي، دا أنا حتى يوم ما فكرت انتحر وارمي نفسي في الماية، هو لحقني وعايشني في جحيم لسنين، ماكنش أب... دا كان نصاب ودجال، شغلته كانت الكدب والزور، ياما ضحك على ناس يوما ناس اتأذوا بسببه، افتكرتله كل مصيبة سودا عملها فيا أنا واخواتي، أو حتى عملها في أي حد من الزباين اللي كان بينصب عليهم !

ماحستش بنفس إلا وأنا ماسك العصابة أو الشومة، وبضربه بيها على راسه بكل قوة لحد ما مات ..........

أه .... قتلت أبويا، بس اخواتي كانوا في ضهري، واحد منهم نضف الدم، والتاني غسله، والتالت حطه في شوال، والرابع قال 

- احنا هنخليه في الشوال دا لحد بالليل نحط الشوال في الحمام، وبالليل أنا وكرم وعمر، ناخده ونروح ندفنه في الجبل .

رد عليا عمر أخويا ....

- صح يا عبد الله، وبعد ما ندفنه نقول كل الناس انه خرج في يوم ومارجعش... صح كدا .

وقتها اتكلم كرم وقال ....

- انا متفق معاكوا، وانت يا يوسف... ماتخفش، احنا جمبك، وبعد ما ندفنه ب 40 يوم، نطلع الورث ونقسمه.... انت قولتلي كان شايل فلوسه فين ؟!

رديت عليه بقلق ....

- في الدولاب اللي في بيت جدي المهجور، البيت مقفول من زمان وماحدش بيدخله، الحُجج بتاعة أملاكه وكل فلوسه، متشالة في الدولاب اللي هناك، هو مافيش غيره، دولاب واحد في أوضة المسافرين .

طمنوني اخواتي وفضلوا قاعدين معايا لحد ما الليل جه، ومع غروب الشمس وغيابها عن سما البلد، الدنيا بقت هوس هوس، خدوا اخواتي الشوال وراحوا دفنوا ابويا في الجبل وبعد كدا رجعواـ طمنوني وحاولوا يهدوني، بس انا ماكنتش قادر أهدى، انا كنت بتقطع من جوة، قتلت... أول مرة أقتل في حياتي، أنا قتلت أبويا !

بعد ساعات سابوني اخواتي ومشيواـ فضلت قاعد لوحدي، في اليوم دا شوفته كتير، نفس الشخص اللي شبهي، كان بيظهر فجأة ومرة واحدة بيختفي بسرعة !

كنت هتجنن، لكني قاومت وفضلت متماسك للنهاية، الناس عرفوا ان ابويا اختفى، أنا واخواتي قولنا إنه خرج ومارجعش، خطتنا مشيت زي ما احنا عاوزين، وفضلت الخطة ماشية تمام لحد ما ليلة الأربعين اتجمعوا كلهم عندي في البيت، يومها كنت هقولهم على مكان الفلوس الحقيقي، وكنت هقولهم كمان اني خوفت منهم يومها لا يبعوني ويبلغوا عني، فقولتلهم مكان غلط عشان اتوههم، بس قبل ما اتكلم معاهم ولا أقولهم أي حاجة فجأة لاقيت كرم أخويا بيقولي .....

- يلا يعم يوسف عشان نروح كلنا نجيب الورث من بيت جدك، ولا تحب نروح احنا نجيبه ونبقى نديك نصيبك !

ارتبكت وصوتي اترعش وأنا بقوله ...

- لا لا .... مالوش داعي، أنا أنا ....

كلهم خدوا بالهم من ارتباكي، اتضايقوا لأنهم حسوا اني بلاعبهم، وعشان كدا اتكلم عمر أخويا وقال ....

جرى ايه يعم الحلو، ما تخلص وتقولنا هتنيل ايه، عاوزين ناخد حقنا ونغور بقى، الظاهر ان ابوك الله يرحمه كان عنده حق ... عيل خايب .

كلامه ضايقني أوي وفي نفس الوقت كنت مستغربه ...

انت ازاي بتقول الله يرحمه وانت مشارك في قتله، وبعدين بتقول عليه خايب دا، هو اللي اتشجع وعمل اللي انتوا كنتوا خايفين تعملوه من سنين.... انا الأداة اللي ساعدتكوا في قتل ابوكواـ انتوا قتلتوه عن طريقي .

لما قولت كدا، اتكلم عبد الله وقال .....

جرى ايه ياض ماتظبط كدا، ماحدش مننا مد ايده على ابوك، انت اللي قتلته واحنا اللي دفناهـ احنا ساعدناك عشان بس ماتروحش في داهية، انما ماحدش فينا شارك في قتله، انت بس اللي قتلته، ولوكان حصل في الامور امور، كنا هنقول للحكومة ولكل الناس انك انت اللي قتلته ودفنته لوحدك كمان .

الغريب بقى ان كل اخواتي وافقوا على كلامه، بما فيهم كرم، ماحستنش بنفسي، الدموع اتفجرت زي عيون الماية ما بتطلع من وسط الأرض الصحرا، بصيتلهم بحسرة وقولتلهم ....

معاكوا حق.... اعملوا اللي انتوا عايزينه، اهم حاجة ماروحش في داهية، روحوا بيت جدكوا ودوروا على الدولاب وافتحوه، ولما تلاقوا الورث، قسموه بينكوا وبين بعض، وفي الآخر ابقوا ادوني نصيبي .

قام كرم من مكانه وبقية اخواتي وراه، قرب مني وحط ايده على كتفي .... 

- جدع يا ابن ابوياـ احنا هنروح نجيب الفلوس ونقسمها كلنا سوا، وحقك محفوظ، سلام يا ابن ريحان .

خرجوا كلهم ورواحوا لبيت جدي، وقتها أنا ماحستش بنفسي، خدت جركن الجاز اللي في البيت، وروحت من طريق مختصر لبيت جدي، كنت بجري بسرعة عشان اوصل قبلهمـ وفعلاً وصلت، شوفتهم وهم بيدخلوا بهدوء وبحذر جوا البيت؛ استنيتهم لما دخلوا كلهم وروحت ناحية البابـ قفلته من برا ابالقفلـ رميت الجاز في كل مكان حوالين البيت؛ على الشبابيك وعلى اي مكان ممكن يخرجوا منهـ ولعت عود كبريت ورميته، النار حاوطت البيت، صوت صرخاتهم جوا كان زي شياطين الانس وهو بيستغيثوا من الجحيم، دا مصيرهم اللي يستاهلوه، ما انا مش هعرف أعيش وهم ماسكين عليا ذلة زي دي... أنا مش مجنون، هم اللي طماعين ويستاهلواـ هم اللي اتخلوا عني زي ما اخوات يوسف اتخلوا عنه ورموه في البير، فضلت واقف وانا بستمتع بصرخاتهم لحد ما اتأكدت ان كلهم خلاص بيموتوا، روحت وقفت بعيد، الناس بدأت تتجمع عند البيت، اللي بيحاول يطفي واللي يحاول يساعد.... بس خلاص كلهم كانوا ماتوا !!!!

عملت نفسي حزين عليهم، خدت عزاهم وانا ببكي بالدموع، وفضلت عايش في الدور لحد مالناس مشيوا، وقتها دخلت اوضة ابويا وشيلت المرتبة اللي كان بينام عليهاـ وفي سحارة السرير لاقيت صناديق الفلوس وحُجج الأملاك، طلعتها.... أنا كنت صح، اخواتي مالمهمش أمان، اللي انا عملته دا أكبر صح، لكن.... لكن .... الشخص اللي بشوفه دا طلعلي تاني، المرة دي ماجريش ولا اختفى لما بصيت عليه، فضل واقف قصاديـ كان فيه شبه مني لكن ملامحه كانت متغيره شوية عن ملامحي، كان لابس نفس لبسي، بصيتله باستغراب اكتر ما بصيتله بخوف ....

- انت مين .... انت قريني ؟!

رد عليا وهو واقف في مكانه ....

- أنا الضلمة ... أنا خوفك، انا ساكن مرايتك، مش قرينك، انا شبيهك جوا عالم المراية، عمري ما أذيتك، أنا اللي همست لأبوك يوم ما كنت عاوز تنتحر وانت صغير، انا خليته لحقك، كتير كنت بحاول اطمنك وماكنتش بقصد أخوفك، كنت بظهرلك عشان انسيك حزنك وألمك، بس للأسف... دا طبعكواـ بني الانس طول عمرهم قتلة، من أول ما الأخ قتل أخوه، لحد اللي انت عملته... روح سلم نفسك يا يوسف وكفر عن ذنبك، أنا مش هسيبك الا لما تعمل كدا... ولو مانفذتش كلامي، هعيشك في جحيم، مش هخليك تنامـ هخليك تتمنى الموت 1000 مرة في اليوم ومش هتطوله .

قومت وقفت وقولتله بصوت عالي ...

- انت مجنون ... انت بتقول ايه، أنا مش هعمل كداـ أنا هقرأ قرآن وهحرقك زيك زي أي عفريت أو شيطان... بسم الله الرحمن الرحيم... قل أعوذ برب الناس ... م ..

قاطعني ..

مش هتحرق ... أنا لا شيطان ولا جن كافر، أنا قدرك، هبة ربنا بعتهالك وانت ماعرفتش تحافظ عليها ولا حتى قدرت تستفاد منها، انت سمعت لصوت شيطانك وبس، وبما ان اللي خلقني وخلقك اسمه العدل، فأنا مش طالب غير القصاص عشان ابقى مرتاح... انا مش هشوف جريمة زي دي واسكت، ورح سلم نفسك واحكي للناس كلهم عن اللي عملته انت واخواتك ... وإلا ....

قال كدا وبعدين اختفى، ماخدتش بكلامه افتكرته جن وانصرفـ بس من يومها بليل وعلى مدار 3 ليالي ماسبنيش في حالي، كان بيطلعلي من كل مكان، مابقتش بعرض أغمض عيني ولا أنام لدقيقة،  أنا مش هعرف أسلم نفسي وبعد كدا اتعدم، انا هتجنن من قلة النوم.... ماكنش قدامي حل تاني غير ان انا اعمل اللي فشلت فيه وأنا صغير، انا مش حاسس بأيدي من بعد ما قطعت شراييني من الناحيتين كفوفي الاتنين منملين، راسي تقيلة أويـ اسمحلي انا هنا وارتاح للمرة الأخيرة، ومتهيألي بكدا قريني أو الملاك او كائن المراية اللي شوفته دا هو كمان هيبقى مرتاح ....

نام يوسف ريحان على حجر من أحجاري، مد ايده الاتنين جوا الفتحة ودمه بدأ يتصفى جوا مايتي، تحبوا تعرفوا أنا مين ؟!

أنا البير .... البير اللي يوسف حاول ينتحر جواه وهو صغير، بس أبوه جه ولحقه في آخر لحظة، أنا البير اللي قصاد بيت جده، انا اللي شوفته وهو بيحرق اخواته، وسمعت منه حكايته قبل ما يموت، حكايته اللي حكاها على أمل ان ربنا يخفف عذابه يوم الدين... أنا البير اللي مايتي اتلونت بدم قاتل، انا الشاهد على كل عمايلكوا يا ولاد آدم، من أول الأخ اللي قتل أخوه، لحد الاخوات اللي رموا اخوهم جوايا وراحوا قالوا لأبوهم ان الديب قتله !

وأخيراً شاهد على حكاية المنتحر اللي قصادي دا، دايماً بتقولوا انكم مظلومين، عمركم ما حاسبتوا نفسكوا ولا بصيتوا للمراية بعين الظالم، دايماً شايفين نفسكم ضعفاً من إن اللي خلقني وخلقكم اداكم اكبر قوة في الأرض .... العقل، العقل يا ولاد آدم اللي بقيتوا بتستخدموه بس في انكوا تتأمروا على بعض، او تدبروا مكايد وحروب لبعض... يوسف ريحان أول ولا آخر قاتل، وكمان مش هيكون أول ولا آخر مُنتحر... أ،أ شوفت ولسه ياما هشوف كتير، وكل ما هشوف... هاجي واحكيلكوا، بس عاوزكوا تتأكدوا من إن الضلمة اللي جوايا، هي اللي حمت يوسف بن يعقوب زمان، وهي دلوقتي برضوا اللي شالت جواها حكاية ودم يوسف بن ريحان .... عاوزينني ارجع بحكايات تانية ولا الحقيقة بتزعلكوا ؟! .

تمت 

Facebook


الروابط
آخر قصة : القاتل الخفي

صفحة الكاتب : محمد شعبان 

كوكتيل قصص | العالم الموازي
كوكتيل قصص | العالم الموازي
تعليقات