أثناء مسيرة حياتنا نسمع نرى أو نكتشف قصصًا وأساطير جديدة، تتنوع الأساطير والقصص في كل زمانًا ومكانًا منها ما نصدقه ومنها ماا لا نصدقه وهذا ليس بالأمر الغريب، ولكن اسطورتنا اليوم وحكايتنا ستكون غامضة وفي نفس الوقت محيرة،ولكن المُلفت أن تكون لهذه الأسطورة أو الحكاية أساساً حقيقيًا، سنأخذك إلى رحلة قصيرة ونتجه معًا إلى مغربنا العربي لنروي لكم قصة (لعنة عائشة قنديش).
نبذة عن عيشة قنديش
عيشة قنديش سيدة يقال أنها آية في الجمال وفي الوقت عينه عجوز مخيفة، أهدافها غريبة ولكن كيف ؟! وهنا يكون اللغز روايات كثيرة تثير الدهشة منها هل هي من الإنس أم جنية أم ساحرة والأغرب أنه لا يرهبها سوى شيئًا واحد فقط "النار"، وعند نطقك باسمها تحل عليك اللعنة (عيشة قنديش).
الأميرات العربيات دورهن في تطور مملكتهن وفي خدمة شعوبهن وثق في التاريخ، وما زال إلى يومنا هذا جمالهن أشهر من أن يتم الحديث عنه؛ فعندما نقول أميرة من الشرق الأوسط فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا شعرها الكثيف الطويل وعيونها الساحرة بشرتها النقية والأهم خُلقها الحميد، إلى أن أميرة اليوم إن صح وصفها بهذا اللقب لا تشبه أي أميرة عرفها التاريخ أو سمعت بها، إذ يقال إنه إن نطقت باسمها حلت عليك اللعنة، وليس هذا وحسم إذ يقال أيضًا انها تقتاتوا على أجسام الرجال، فما قصتها ...
عائشة قنديش من أكثر الشخصيات الشعبية شهرة في التراث لدرجة تم تنظيم أغنية شعبية لها يدندنها أهالي المنطقة ولكن على الرغم من شهرتها لا أحد يعرف حقيقة قصتها فقده الشخصية تدور حولها روايات عدة بحيث أصبح لا تعلم إن كانت حقيقة أم ضرب (نوع) من الخيال ولنفرض أنها مجرد قصة خيالية ولكنها مرعبة بكل ما للكملة من معنى.
اسم شخصيتها الأسطورية
تمتلك عيشة قنديشة العديد من الألقاب تختلف باختلاف المناطق المغربية، فمنها "لالة عيشة" "عيشة الكناوية" "سيدة المستنقعات" "عيشة قنديشة" وهذا هو اللقب الأشهر الذي يقال إن تلفظت به حلت عليك اللعنة __احذر__ وكما أن القاب واسماء شخصيتها متنوعة فإن قصتها والروايات التي تدور حولها كثيرة ومتنوعة أيضًا، وكل رواية أغرب من الأخرى، وهنا نعرض لكم بعضًا من الأساطير عنها.
الأسطورة الأولى
هذه الأسطورة الأولى والمتداولة، لاسيما إن كنت متزوجًا فقد تكون مستهدفًا، فبحسب التراث الشعبي المغربي تتخذ عيشة قنديشة هيئة ساحرة تكره أن ترى الأزواج على وفاق بحيث تقضي أغلب وقتها في حَبك اللاعيب لتفريقهم منها كلف الأمر فإن صادفت سيدة عجوزة في يوم من الأيام خلال زيارة المغرب العربي وبدأت تحرضك على زوجتك انتبه فقد تكون هي.
الأسطورة الثانية
بحسب هذه القصة فإن عائشة قنديشة هي امرأة فاتنة الجمال لا يستطيع أقوى الرجال مقاومتها، لدرجة أنهم يأخذون بجمالها ولا ينتبهون إلى قوامها الحيواني فعائشة بحسب الأسطورة تخفي خلف ملابسها قدمين شبيهتين بحوافر الماعز أو الجمال أو حتى بغلة، وذلك ما أضاف لقبًا جديدًا إلى ألقابها ألا وهو "بغلة الروضة" "بغلة المقبرة" فإن تواجدت بالقرب من مخبأها تغويك وتقودك إلى وقرها فاقدًا الإدراك، وهنا بداية النهاية ستلتهمك عائشة قنديش بلا رحمة ولن تفيدك توسلاتك على الإطلاق.
ومن جهة أخرى فهناك من يؤمن برواية أخرى وهي أن عيشة قنديشة سيدة فاتنة ذات أطرافًا طبيعية لا حيوانية ويتفقون مع ما سبق بأنها تغوي الرجال وتقتلهم وتتغذى على دمائهم، ولكن لنبحث قليلًا لنرى إن كان هناك أي اساسًا تاريخيًا حقيقي بهذه الشخصية المخيفة...
بعد بحوث عديدة قام بها العديد من الباحثين في منطقة المغرب العربي تعددت الروايات التي قد تثبت حقًا أنها شخصية كانت موجودة فعلاً ولكن كيف هذا !؟، وسنسرد عليك بعضًا من تلك الروايات والتي تقول أن عائشة قنديشة موجودة فعلًا.
- الرواية الأولى تقول : أن عائشة قنديشة هي الكونتسا "عايشة المورسكية"، وهي من عائلة نبيلة، وقد طردت عائلتها من الأندلس (اسبانيا حاليًا)، فصنعت لنفسها مجدًَا واسمًا ذائعًا وذلك لمحاربتها الإحتلال البرتغالي وقتلها لجنوده، ولكن من هم المورسكيون "المورسكيون المسلمون الذين بقيوا في اسبانيا بعد سيطرة الصليبيين عليها وبحسب الكتب التاريخية تم ترحيل كل المورسكيين الذين رفضوا اعتناق الديانة المسيحية إلى القارة الأفريقية في القرن الخامس عشر" ما يعدينا إلى قصة عائشة قنديشة وبحسب الروايات تم طرد عائلتها من اسبانيا للمغرب وقتلهم فقررن أن تنتقم لهم شر انتقام فكانت تقوم بإغراء الجنود وتقودهم إلى الوديان والمستنقعا حيث يكون حتفهم، وهنا قد يتبادر في أذهانكم كيف كانت تقتلهم أو تذبحهم، كانت تذبحهم بطريقة لا توصف وبمهارة ومع تكرار حالات اختفاء الجنود والقتل دب الرعب في نفوس الجنود بدرجة بات يؤمنون بأنها ليست من البشر وإنها جنية لا تقاوم.
- الرواية الثانية يقال : أن عيشة هي امرأة توجعت بمقتل زوجها على يد الغزاة في المغرب العربي، فأخذت على عاتقها الثأر له لذا كانت تختبأ طوال النهار وتخرج في الليل من المغارات أو المستنقعات، بحيث تغطي نفسها بالوحل وتستدرج جنود البرتغال ثم تقوم بقتلهم وتقطيع جثتهم ثم تعود للمياة مرة أخرى.
وهنا لاحظنا الكره الشديد لعيشة قنديش للرجال في مختلف الروايات ولكن لماذا خصت الرجال على وجه التحديد، وهنا اليكم قصة مؤثرة وحزينة والتي يتداولها أهالي المنطقة، والتي على حد تعبيرهم هي سبب ولادة هذه الشخصية الدموية.
وهنا بحسب ما يتداول بين أهالي المنطقة تقول الرواية : كان هناك فتاة تنحدر من عائلة ثرية أحبت شابًا فقيرًا إلى أن هذا الشاب لم يكن يحبها بل كان يوهمها بذلك ليتزوجها ويستولي على أموالها واموال عائلتها، ولكن عائلة تلك الفتاة باتت برفض هذا الشاب ولم تقبل بهذه العلاقة، فقررت الفتاة الهرب والذهاب إلى حبيبها من دون أن تأبه بالمال، وذلك ما أثار غضب الشاب حيث أدرك أنه لم يتمكن من وضع يديه على أموالها بعد ما فعلته وهجرها.
ثم أصاب الفتاة الحزن على ما فعله حبيبها وظلت تبكي في المكان الذي كانا يتقابلان فيه إلى أن ماتت وهنا بدأت الأسطورة، حيث خرج من هذا المكان الذي ماتت فيه جنية كارهة للرجال هي "عيشة قنديشة"، ولذلك يؤمن الكثيرون أن عيشة قنديشة من الجن وليست من البشر ولكن لا أحد يعلم، ولكن يمكنكم مقاومتها وقلب سحرها عليها وذلك بالنار، كل ما عليكم فعله هو اشعال النار امامها.
فهناك قصة تقول أن عيشة قنديشة اعترضت طريق عدد من الرجال في احدى المرات وانها أوشكت على الإيقاع بهم من خلال جمالها بهدف قتلهم والتهامهم، إلى أنهم لاحظوا اقدامها التي تشبه قوام الدواب فأدركوا أنها ليست بحسناء من الانس وانما هي عائشة قنديشة فاشعلوا النار بعماماتهم فهربت على الفور.
وهناك طريقة أخرى بحسب أهالي المنطقة فبعض من القبائل تؤمن بأن غرس سكينًا في الأرض قد يكون كفيلًا بترهيبها وتخويفها، لا أحد يعلم ولكن هذا ما قد تسمعه من كبار السن وانت تتجول في "مكناس" أو "سيدي سليمان" في المغرب حيث تنتشر الأسطورة بشكلًا كبير.
وهنا يجب تحذيركم وهو أن وجود عائشة قنديشة لا يقتصر على تواجدكم بالقرب منها ولكن قد تصيبك لعتنها كما سبق وذكرت في الأعلى بمجرد الحديث عنها أو تناول قصتها فبحسب ما ذكره عالم الاجتماع المغربي "بول باسكون" في كتابة أساطير ومعتقدرات من المغرب، كان هناك استاذ فلسفي أوربي في احدى الجامعات المغربية يحضر بحثًا حول عائشة قنديشة واسطورتها فوجد نفسه مضطرًا إلى حرق كل ما كتبه حولها وايقاف بحثة ثم مغادرة المغرب بعدما تعرض لحوادث عدة عامضة ومتلاحقة.
وفي النهاية بعد كل ما ذكرناه هنا هل فعلًا أسطورة عائشة قنديشة حقيقة أم خيال الله وحده يعلم، ولكن المثير والعجيب أن تلك الشخصية أثارت اهتمام العلماء واساتذة الجامعات، بحيث ذكرت الدراسات التاريخية أنها شخصية حقيقية لقيت حتفها بعد مشاركتها في معركة "وادي المخازن" في القرن السادس عشر وهي معركة قامت بين المغرب والبرتغال إلى أنها لم يتم العثور على جثتها، ولكن بغض النظر إن كانت هذه الأسطورة حقيقية أم لا فالأكيد أنه هناك اساطير مشابهة لأسطورة عيشة قنديشة في تراث الشعوب الأخرى مثل أسطورة "أم الدويس" في الخيج العربي.
وهنا يا أصدقائي قد يكون صادفكم قصة منتشرة في منطقنكم مثل عيشة قنديشة فما هي، وهل حاولتم البحث عن أصل تلك القصة؟.
وإلى هنا ننتهي من تلك الأسطورة الغامضة والمرعبة، نستودكم الله الذي لا تضيع ودائعه في قصة أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.