مانسا موسى - Mansa Musa |
سنذهب معاً في رحلة إلى جذور أفريقية ، تفتخر بها قارة أفريقيا حتى الآن ، فسوف نتحدث معًا عن فترة الإزدهار في قارة أفريقيا حيث كانت أفريقيا سيدة القارات ، ورحلتنا ستكون عن أحد أبرز الشخصيات وقال عنه ابن كثير واليافعي والعمري أنه كان مواظبًا على الصلاة والذكر ساعيًا للعلم وهو مانسا موسى - Mansa Musa .
سيرة مانسا موسى - mansa musa biography
مانسا موسى لقب بعدة ألقاب منها الحاج مانسا موسى ، كانجا موسى، أو كانكو موسى نياكاتي أو موسى الأول ويقصد بكانكو موسى أي ابن كانكو وذلك اشارة لأمه ، حيث نشأ في مجتمعًا أموميًا .
وفي الأصل هو يسمى موسى وكلمة مانسا تعني لقب الملك ، وولد عام 1280 وتوفي عام 1337 في مملكة مالي ، وكان هو المانسا العاشر لمملكة مالي بين 1312 حتى 1337 .
وبرغم قلة المصادر التي تحدثت عنه إلا أن أكثر ما ورد عنه كان عن طريق الرحالة العرب مثال ( ابن بطوطة - ابن خلدون - اليافعي - المقريزي ) .
واشتهرت مملكة مالي بالخلافة عن طريق التوارث بمعنى أن الملك يخلف ابنه من بعده إذا سافر أو في حالة وفاته ، ولذلك عين الملك أبو بكر الثاني موسى خليفة له وذهب مسافرًا للمحيط الأطلسي ، فكان أبو بكر الثاني معروفا بشغفه في السفر والترحال والاستكشاف .
ولكن ذهب أبو بكر الثاني لإستكشاف المحيط الأطلسي بهدف اكتشاف اليابسة بعد نهاية المحيط ، لكنه اختفى ولم يعد بعد تلك الرحلة وعلى هذا تولى موسى مملكة مالي خليفة لأبو بكر الثاني .
سبب ثروته
عرف موسى بذكائه ودبلوماسيته في الحكم فاستطاع عمل علاقات مع البلاد المجاورة له مثل ( الدولة المملوكية والحفصية والزيانية بتلسمان "الجزائر حاليًا" ) ، وفضل فطنته في الحكم بجانب ثروات ممكلة مالي التي اشتهرت بها والتي كانت سببًا في ازدهار التجارة وثروة موسى .
حيث اشتهرت مالي خاصة بمعدن الذهب والخشب والتوابل وكانت كل تلك الثروات غالية الثمن وكانت التجارة بها تدخل لمملكة مالي أرباحًا هائلة ، وكذلك فتح مسى الأسواق وشجع حركة التجارة وازدهر في البنيان فبنيى المساجد والمدن ، فأصبحت مالي في تلك الفترة أغنى دول أفريقيا وكذلك أصبح موسى أغنى رجل في التاريخ .
رحلة مانسا موسى إلى مكة المكرمة - mansa musa journey to mecca
رحلة مانسا موسى إلى الحج |
رحلته إلى مكة المكرمة زادت من شهرته أكثر ، حيث ذهب إلى مكة عام 1324 مع حاشيته ، وذكر في مصادر أن حاشيته تراوحت بين 15.000 : 60.000 شخص .
وظهرت حاشيته في أبهى الصور حيث كان جميع رجاله يرتدون أفخم الملابس ويمسكون في ايديهم عصا من الذهب الخالص بالإضافة إلى الخيول ، وكان كل هذا على نفقة مانسا موسى .
وكان يغادر مع القافلة 80 جملًا حاملين الكثير من خيرات مملكة مالي ( ذهب وأحجار كريمة ) ، حيث عرف موسى بأنه كريمًا كثير العطاء ، فكان ينزل كل مدينة بخيراته فيوزع الذهب على جميع من في المدينة ابتداءً من الملك حتى الفقراء .
وكذلك كان يوزع على حجاج بيت الله الحرام من خيراته وخيرات مملكته ، وذكر في أحد مؤلفات السعدي رحمه الله أن مانسا موسى كان عند نزوله مدينة في يوم جمعة يبني فيها مسجدًا على نفقته الخاصة .
وعند وصوله لمكة حدثت فتنة كبيرة بين الأتراك وحاشية مانسا فرفعت السيوف في المسجد الحرام مما أدى إلى غضب موسى وصرخ فيهم حتى توقف القتال
وبسبب ما أنفقه من ثروات وذهب في مكة أدى إلى حدوث أزمة اقتصادية ضخمة بسبب كثرة الذهب التي أدت إلى قلة قيمته وأمامه ارتفعت باقي السلع الاستهلاكية الأخرى ، وهذا ما حدث أيضًا عند رحلته للقاهرة - مصر .
فكانت رحلة مانسا موسى في القاهرة غير مبشرة فأدت إلى تدمير اقتصاد القاهرة لمدة 10 سنوات ، حيث عندما نزل إلى القاهرة وزع الكثير الكثير من الذهب مما أدى إلى انخفاض قيمة الذهب لمدة 10 سنوات في مصر وارتفع معها السلع الأخرى الاستهلاكية .
فكانت موسى هو الرجل الوحيد الذي تحكم في سوق الذهب منفردًا في حوض المتوسط ، فكان لحجم انفاقاته الكبيرة من ذهب وغيره أثرًا اقتصاديًا سلبيًا على مصر ، فعاشت مصر بعدها أزمة اقتصادية ضخمة استمرت لعدة سنوات بسبب تلك الرحلة الغريبة .
مانسا موسى وإمبراطورية مالي - mansa musa and the empire of mali
ذكر في كتاب "الذهب المسبوك" للمقريزي أن مانسا موسى لم يعد لمملكته بالقافية كاملة ، حيث مات الكثير من حاشيته وجماله بسبب صعوبة البرد أثناء السفر فلم يصل للقاهرة سوى الثلث فقط من حاشيته .
وعند عودته لمملكة مالي عاد بالعلم والفنون المختلفة ، حيث عرض على المعماريين والعلماء في رحلته العودة معه لمملكة مالي فذهب معه الكثير وبدأ بتطوير ممكلته فلم تكن رحلته مجرد للحج فقط بل استغلها لعمل اتفاقيات جديدة مع الدول المجاورة وتوطيد العلاقة بينه وبينهم .
واثر ذلك فقد توطدت العلاقة بينه وبين مصر وشمال افريقيا واصبحت مملكة مالي مركزًا تجاريًا مهمًا في وسط الصحراء .
وكان أهم مدينتين في مالي مدينة تمبكتو (العاصمة) وجاو ونياني فبني فيهما المدراس والمساجد وبنى في نياني قاعة محكمة مزينة بقبة تعلوها ونوافذ مزخرفة بالذهب والفضة .
فاصبحت مالي في عصره مركزًا تجاريًا دينيًا وثقافيًا ، وساهمت مملكته أيضًا في نشر الاسلام ومختلف العلوم حتى وصل صداها لاوروبا فصدر لهم التوابل والحرير والعاج والخشب والأحجار الكريمة وكذلك الذهب ، بالإضافة لتصديره العلوم والفنون لهم .
وبفضل التطورات الكبيرة في عصر موسى أصبح يملك نصف الذهب الموجود في العالم ، وذلك بسبب تجارته الواسعة بين الدول وخاصة تجارة الذهب والملح .
مانسا موسى والحضارة الأوروبية - Mansa Musa and European Civilization
مانسا موسى في الأطلس الكاتالوني كأحد رموز الثراء |
كان مانسا رمزًا للثراء في الحضارة الأوروبية ولكن ليس بثروته بل بكيف استغل تلك الثروة في التطوير والعلم ، وبعد وفاته قامت اسبانيا بطباعة ما يعرف بالأطلس الكاتالوني (catalan atlas) ، وهو عبارة عن خريطة مهمة في فترة العصور الوسطى .
وذكرت شخصية مانسا موسى في تلك الخريطة بشكل بارز وواضح يمسك قطعة من الذهب المشع بيده وهذا يدل على قوته التي ظلت تشع حتى بعد وفاته .
وبهذا تعرفنا على أهم صفحة من صفحات أفريقيا الذهبية التي عاصرها مانسا موسى أغنى رجل في التاريخ .