قصة ليلة في السخنة - قصص غموض


قصة ليلة في السخنة 


ليلة في السخنة



بقلم: محمد شعبان


انا أحمد..

 شغال في مركز مرموق في هيئة البترول المصرية..هحكيلك الحكاية اللي حصلت معايا .


من حوالي كام سنة كدة... بس قبل ما احكيلك خليني اقولكأن أنا شخص.. أنا وأسرتي بنحب التغيير جداً ولينا نمط حياة مختلف،وعشان كده أنا وأسرتي اللي بتتكون من مراتي وبنتي.. قررنا إننا نخرجأو نقضي أجازة في شاليه بيملكه صديق ليا، والشاليه ده موجود في أحدي القري السياحية بالعين السخنة، بس الفكرة هنا بقي ماكانتش في مكان الشاليه ولا في الأجازة لأ.. الفكرة كانت في توقيت الاجازة نفسه لأننا في الوقت ده كنا في شهر 3.. يعني من الأخر كده كنا في الشتا، وقبل بس ما تقول ايه اللي يسفره هو وأسرته عشان يقضوا أجازة في العين السخنة في عز البرد ده، ف خليني أقولك أ، انا وعيلتي بنحب التغير زي ما قولتلك، وبصراحة كده الأماكن دي في الصيف بتبقي زحمة ودوشة، وحتي معظم القري السياحية والشواطيء في الصيف بتبقي مليانة الناس وبيبقي الخروج فيها في الوقت ده، مزعج أكتر منه ممتع... المهم مشهطول عليك وهحكيلك الحكاية اللي بدأت من يوم ما خدت من صاحبي ده مفتاح الشاليه بتاعه وطلعت انا ومراتي وبنتي علي القرية السياحية...القرية السياحية اللي كانت في مكان متطرف لدرجة أن انا خدت وقت كبيرولفيت بالعربية كتير اوي عشان اقدر اوصل لها، لكن في الأخر يعني قدرت اوصل الحمدلله، بس لما وصلت لبوابة القرية وبلغت عمال الأمن أن انا داخل لشاليه البشمهندس فلان الفلاني لقيتهم رحبوا بيا لأن الظاهر كده ان ادارة القرية بلغتهم أن في حد هيدخل الشاليه..،وده طبعاً لأن صاحبي كان مبلغهم قبل ما اروح يعني بصراحة استقبالهم ليا كان كويس جداً وماكنش في أي حاجة غريبة لحد ما لقيت واحد منهم بيديني تليفون محمول وهو بيقول لي .....


(حضرتك ده الموبايل اللي هتقدر تتواصل من خلاله معانا)


قال كلامه ده وبعد كده قال لي اتصل برقم معين لو عوزت حد من الأمن، ورقم تاني لو احتاجت حد من عمال القرية،لكن انا بقي بصراحة كنت بسمعة وانا ساكت، وبعد ما خلص كلامه قولتله أن كل اللي قاله ده مالوش أي لازمة لأن الشبكة في موبايلي كانت كويسة جداً بالغرم من أن المكان متطرف زي ما قولت، بس لما قولتله كده كان رده عليا أن دي سياسة القرية !


وعشان اريح دماغي من الرغي الكتير ومن الاسئلة اللي في الأخري مش هلاقي لها أجابات غير انه مجرد موظف وبيأدي شغله، ف انا ريحت دماغي وخدت منه الموبايل اللي اداهولي وسمعت كلامه وبعد كده دخلت بالعربية جوه القربة، وإليكم وصف القرية من جوة كان عامل ازاي ..


القرية كانت بتتكون من مجموعة شاليهات بعاد عن بعض، وكل او معظم الشاليهات كانت مضلمة إلا كام شاليه كده هم بس اللي كانوا منورين، وطبعاً أنوار القرية مش كلها كانت منورة، بس عمال الأمن والعمال اللي  جوة القرية كانوا موجودين في كل مكان تقريبا وعن طريق العمال اللي قابلتهم في طريقي.. قدرت اعرف مكان الشاليه اللي كنت واخد رقمه من عامل الأمن اللي بره .. وبالفعل قدرت بسهولة اوصل له ، ركنت عربيتي قصاده ونزلت انا والمدام وبنتي ودخلناه.. كان شاليه جاهز للمعيشة، وكل  حاجة فيه كانت تمام جداً جداً زي ما صاحبي قال لي ويمكن اكتر كمان..


المهم دخلت انا وعيلتي وأخدنا شوية وقت عقبال ما طلعنا هدومنا من الشنط وجهزنا حاجتنا، لكن طبعاً عقبال ما عملنا ده، كنت انا وهما حسينا بالتعب، وعشان كده قررنا ننام ليلتها، ومن تاني يوم بقي نبقي نبدأ الخروج والتمشية في القرية او حتي القعاد علي البحر الصبح، ولأن انا في نومي مزعج شوية لأني مابعرفش انام الا لما يكون في أي صوت جنبي ، ف مراتي خدت بنتي ودخلت تنام في أوضة وانا خدت بعضي ودخلت انام في أوضة تانية عشان مازعجهمش ويناموا براحتهم لكني طبعاً وكعادتي يعني قبل ما انام، شغلت التلفزيون اللي في الأوضة اللي دخلتها وقعدت اقلب فيه شوية كده لحد ما زهقت.. وبعد شوية قومت عملتلي كوباية نسكافيه وطلعت فلاشة كانت معايا وحطيتها في الشاشة وقعدت اتفرج علي مسرحية وانا بشرب كوباية النسكافيه، لحد ما بعد شوية بدأت احس أن انا عاوز انام، ف فردت جسمي علي السرير اللي  كنت قاعد عليه وغفلت عنيا شوية كده لحد ما صحيت على صوت مراتي ....


(اصحى.. اصحى بسرعة)


لما قومت من النوم وسألتها هي بتصحيني ليه، ردت عليا وقالتلي انت ازاي لحقت تنام بالسرعة دي.. ده انا من ثواني بس كنت سامعاك وانت بتاخد دش في الحمام.. وبعدين انت من امتي بتاخد دش في الوقت المتاخر ده ؟!


لما قالتلي كده بصيلتها وانا مستغرب..


(دش ايه اللي انا هاخده الشاعة دي.. وبعدين ما انا اخدت دش اول ما جينا.. هي سيرة!)


لما قولتلها كده بصت لي بخوف وبقلق .


(اومال مين اللي كان مشغل الدش في الحمام وقافل علي نفسه من جوه من شوية)


بعد ما قالت كلامها ده، انا حسيت بقلق، لكني حاولت اداريه واطمنها..


(طب يا ستي ، انا هدخل الحمام دلواقتي.. ادخلي انتي نامي بقي وماتقلقيش .. انا صاحي اهو)


بصت لي باندهاش بان علي ملامحها وضربت كف بكف..


(لا حول ولا قوة الا بالله.. بقي انا بقولك انك كنت في الحمام من شوية، تقوم تقولي انك هتدخل الحمام دلواقتي!.. هو في ايه يا احمد)


قومت من عالسرير وروحت ناحية الحمام وانا بقولها بهزار كده..


(يا ستي عادي.. انا عاوز ادخل الحمام دلواقتي.. فيها ايه يعني..ادخلي انتي بس نامي جنب البنت عشان ماتصحاش من النوم وتلاقي نفسها نايمة لوحدها..ف تتخض ولا حاجة)


لما قولت لمراتي كده، خدت بعضها ودخلت تنام، أما انا بقي.. ف انا فتحت باب الحمام ودخلت ، بس أول ما دخلت الحمام حسيت بقلق وتوتر من اللي شوفته جواه، الحمام كان سخن جداً وكان مليان بخار بشكل كثيف، وكأن فعلاً كان في حد بياخد دش سخن من ثواني جواه!


بصراحة وقتها اتشجعت ودخلت فتحت شباك الحمام عشان البخار يخرج منه، بس أول ما البخار خرج والحمام ابتدت الرؤية فيه تبان، خدت بالي من أثار لكفوف ايدي كانت علي المراية اللي فوق الحوض، بصراحة وقتها ماكنتش لاقي تفسير للي شوفته ولا كنت عارف مين اللي دخل الحمام وانا ومراتي وبنتي كنا نايمين، وبسبب عدم وجود تفسير للي حصل. فأنا خرجت قعدت في الأوضة اللي كنت قاعد فيها وقولت أن انا خلاص بقي كده مش هنام وهفضل صاحي تحسباً لأي حاجة ممكن تحصل، بس أول ما قعدت عالسرير وبصيت عالتلفزيون اللي كان شغال علي المسريحة اللي كنت بتفرج عليها ، فجاة كده لقيت الشاشة اسودت واتكتبلي عليها كلمة معناها أن الفلاشة تالفة !


قومت من مكاني وحاولت اشغل الفلاشة بأن انا اشيلها من التلفزيون واحطها تاني، لكنها برضة ماكانتش راضية تشتغل ، المهم انا انا أخر ما  زهقت شيلت الفلاشة خالص وفتحت التلفزيون علي قنوات النايل السات وقعدت اقلب في التلفزيون كده لحد ما لقيت مراتي وبنتي داخلين من باب الأوضة وهم علي وشهم ملامح خوف وقلق ورعب، وتقريباً كنت لأول مرة في حياتي اشوفهم في الحالة دي، ف عشان كده سألتهم بلهفة

وترقب ....

(في أيه، مالكوا خايفين كده ليه)


دخلت مراتي وهي ماسكة في ايد بنتي وجم ناحية السرير اللي كنت قاعد عليه، وقالتلي مراتي بخوف وهي بتنيم البنت..


احنا جايين ننام جنبك.. البنت عمالة تحلم بكوابيس وكل شوية تقوم من النوم مخضوضة ، وانا مش عارفة انام في الأوضة اللي جوة دي.. انا اصلاً مش مرتاحة للمكان ده كله.. بالله عليك شغل قرأن عشان نعرف ننام


بصراحة كنت مصدق مراتي وخصوصاً بعد اللي انا شوفته في الحمام، وعشان كده خليتها تنام جنبي هي والبنت وجييبت قناة من قنوات القرأن الكريم عالتلفزيون وبدأت بعد كده انام في هدوء لما اطمنت عليهم، نمت لحد ما النهار طلع.. ومع طلوع النهار لقيت مراتي بتصحيني وبتقولي انها حضرت لنا الفطار، خرجت من الأوضة وقعدت افطر انا وهي وبنتي، بس الغريب بقي أن انا لما قومت من النوم لقيت التلفزيون شغال علي قناة من قنوات الكارتون، ف وانا قاعد بفطر كده هزرت مع بنتي وقولتلها....


(انتي اول ما صحيتي من النوم شغلتي الكارتون علي طول كده....)


وكملت كلامي لما بصيت لمراتي .


(وبعدين يا ستي ، مش انتي امبارح كنتي خايفة ومش عارفة تنامي وقولتيلي شغل قرأن عشان نعرف ننام.. أول ما صحيتي حولتيه ليه بقي)


أول ما قولتلها كده بصتلي وسكتت، وبعدين قالت ....


 (بس انا ماقولتلكش حاجة.. انا لسه صاحية حالأ انا والبنت.. ولما دخلت أصحيك لقيت التلفزيون شغال علي قناة الكارتون)


بصيت لها بذهول وانا مش مصدق اللي هي بتقوله ....


( يعني انتي مادخلتيش الاوضة عندي انتي والبنت بالليل ، وقولتيلي هننام جنبيك وشغل لنا قرأن عشان نعرف ننام ؟!)


لما قولتلها كده ردت عليا بحزم ....


لا مادخلناش عندك الاوضة ولا قولنالك شغل قرأن.. احنا كنا نايمين في اوضتنا من بالليل ولسه صاحيين من شوية.. مش صح يا بنتي؟)


لما بنتي قالت كده.. ضربت كف بكف وانا بقول لمراتي


(لا حول ولا قوة الا بالله.. ده ناقص كمان تقوليلي انك ماصحيتنيش وسألتيني إذا كنت دخلت اخدت دش ولا لأ)


ردت عليه مراتي وهي مستغربة..


لا ماصحيتكش، انا قومت بالليل لقيت الحمام في بخار كتير، ف قولت انك دخلت تاخد دش لأن الجو ساقعة وكده،  بس انا مادخلش سألت ولا دخلت عندك الأوضة من أساسه.ز انا فتحت شباك الحمام عشان البخار يخرج.. ولما سمعت صوت التلفزيون ، عرفت انك مشغله ونايم علي صوته لأنك بتحب تنام وفي دوشة جنبك، ف مارضتش ادخل لك عشان ماقلقكش و.. )


قاطعتها وهي بتتكلم


(بعد ما البخار خرج من الحمام.ز شوفتي أثار كفوف علي المراية اللي فوق الحوض!)


وقتها مراتي بصت للبنت وبعد كده بصتلي ....


(لا ماشوفتش أثار كفوف ولا حاجة.. ويلا بقي نخرج عشان نتفسح.. احنا جايين نقضي اليومين اللي هنقعدهم هنا في الشاليه ولا ايه)


حسيت ان مراتي بتحاول تتجاوز الموضوع بشكل غريب وغير مبرر، لكني سمعت كلامها وخدتها هي والبنت وخرجنا نقعد البحر عشان ماقفشش والخروجة تقلب بنكد، بس واحنا قاعدين ع البحر والبنت كانت بتلعب قصادنا، فجأة لقيت مراتي قربت مني وقالتلي بصوت واطي ....


(انا مارضتش اكبر الموضوع عشان البنت ماتتخضش.. انا فعلاً مادخلتش عليك الأوضة وانت نايم، لكن انا شوفت أثار كفوف أيدين علي مراية الحمام.. انا طول الليل ماعرفتش انام من الكوابيس لا انا ولا البنت، والظاهر ان انت كمان ماعرفتش تنام او حلمت بكوابيس، انا مش مرتاحة هنا وياريت نمشي النهاردة يا احمد لأن قلبي مش مطمن)


رديت عليها وانا بحاول اطمنها..


انتي معاكي حق.. فعلا المكان هنا مريب ومش مريح.. معظم الشاليها مضلمة وتقريباً القرية مافيهاش حد غيرنا احنا والعمال، بكرة الصبح بأذن الله هاخدكوا وهنمشي لأن انا كمان شوفتك دخلتي عندي الاوضة مرتين.. منهم مرة كنتي انت والبنت، وفي المرة الأخيرة دي قولتوا انكم خايفين ونمتوا جنبي!


حاولت مراتي تقنعني بأن احنا نمشي في نفس اليوم، لكن انا قولتلها أننا جايين تلات أيام واخرهم بكرة. فاحنا يادوب هنبات ليلة واحدة بس وبعد كده هنبقي نمشي بصراحة مراتي كان معاها حق لأننا بعد ما النهار خلص وروحنا الشاليه وأكلنا وغيرنا هدومنا، ماكناش مرتاحين نهائياً، وقتها كانت الساعة تقريبا 9 بالليل.ز لكن أصوات الشبابيك وهي بتتخبط في الشليهات اللي جنبنا وأصوات الهوا الشديد وكمان أصوات خبط شبابيك الشاليه نفسه اللي احنا كنا قاعدين فيه، كان مخلي بنتي تفضل تعيط وماسكتتش الا لما قولتلها ان احنا خلاص هنمشي ، وبالفعل ساعتها لمينا هدومنا وخدنا حاجتنا وخرجنا من الشاليه ومن القرية الغريبة دي.. وبصراحة كده ، انا مشيت يومها لأن انا كمان قلبي كان مقبوض اوي وماحستش براحة الا لما خرجت من القرية.. وارد يكون اللي شوفته ده حلم، لكن اللي مش وارد ابداً ان مراتي كمان تأكد كلامي وتقول انها لقت الحمام مليان بخار، واللي مش وارد برضه أن انا ابقي صاحي وابقي متأكد من أن انا صاحي مش نايم، وشايف مراتي وبنتي وهم نايمين جنبي، وهم في نفس الوقت ماخرجوش من أوضتهم أصلاً!


واللي مش وارد برضه هي عفرتة التليفزيون والفلاشة اللي لما رجعت بيتي في القاهرة وشغلتها لقيتها اشتغلت عادي جداً ومش تالفة ولا حاجة!


في الحقيقة الليلة كلها كانت غريبة ومالهاش أي تفسير غير إنها ليلة مش طبيبعية،  بتفضل مقفولة معظم شهور الشتا ومابتتحتش الا في فصل الصيف، ومن حظي انا بقي ..أن انا روحت في الايم اللي المفروض يكون الشاليه مقفول فيها.. يلا اهي رحلة وماتكررتش ولا هتتكرر تاني، ولو يعني اتكررت في اكيد مش هتبقي في نفس القرية السياحية الغريبة دي، ولا في  الشاليه المسكون المعفرت ده...


الروابط

آخر قصة : فتى القطار

كاتب القصة : محمد شعبان

Facebook

Owner 2
Owner 2
تعليقات