قصة بحيرة الموت - قصص غموض
بقلم الكاتب : محمد عباس
هناك أشياء كثيرة يمكنك الهروب منها بمجرد الإبتعاد عنها، لكن يوجد شيء لا يمكنك الهروب منه مهما ابتعدت عنه إحتمال أنه يكون بجانبك الآن، أو انه أمامك ينظر إليك متأهباً ألا وهو "الموت"، إنها الكلمة التي لا يحبها الكثير من الناس ويقشعرون بمجرد النطق بها أو الإستماع إليهاـ وبهذه القصة سوف أروي لكم معاناتي مع الموت أو بمعنى أصح "الهروب من الموت"، بدأت قصتي عندما ذهبت مع عائلتي لمنطقة منقطعة بها بحيرة يعرفها كل الصيادون هناك باسم "بحيرة الظلام" سميت بهذا الاسم بسبب ان من يجلس ليلاً يختفي بظروف غامضة، وقد سجلت حالات إختفاء ومنها عائلة كانت تخيم وأتى الليل فسمعوا صرخاتهم أهل البيوت المجاورة ولكن عندما اتجهوا لمصدر الصوت لم يعثروا إلا على أمتعتهم ولكن لا أثر للعائلة .
كانت المنطقة تبعد عن قريتي 250 كيلو متر، أتت الساعة العاشرة صباحاً وذهبنا أنا وعائلتي المكونة من 4 أشخاص للبحيرة، ضحكنا واستمتعنا بالطريق إلى أن وصلنا للمنطقة المقصودة وكانت الساعة الثالثة عصراً، كان ابي لا يحب التجمعات فأبتعد لنقطة لا يوجد بها أحد وقريبة من البحيرة، فخرجنا وأنزلنا أمتعتنا للتخيم، ورأيت لوحات تبهية مكتبوب عليها "إبتعدوا عن البحيرة قبل الغروب" لم أكن أبالي وكنت لا أريد سوى الإستمتاع بوقتي مع عائلتي، وأتت الساعة الخامسة مساءً، وبدأت الشمس بالغروب، وبدأت الكائنات الليلية بالظهور وكلما تغيب الشمس أكثر كلما تسود المنطقة، حتى أصبح المكان مظلماً بالكامل .
أشعلنا النار وألقينا القصص المرعبة وفجأة سمعنا صوت خطوات بين الأشجار، فخفنا جميعاً وقال أبي : لا تقلقوا انها مجرد رياح قوية فالأفضل أن نذهب للنوم .
فذهب كل شخصان بخيمة أنا وأختي الكبرى بخيمة، وأمي وأبي بخيمة وتركنا النار مشتعلة .
وأتت الساعة 2:44 ليلاً، استيقظت على صوت البرق ولكن لم يستيقط أحد من عائلتي، خرجت من الخيمة لأرى منظر البحيرة ليلاً، لكن منظرها كان يوحي بالغموض والكآبة، كانت البحيرة مظلمة تماماً ولا بصل لها نور القمر إلا قليلاً .
فتعمقت النظر للبحيرة فرأيت شيئاً لم اتوقع رؤيته بهذا الوقت، رأيت رجلاً بوسط البحيرة جالس على مركب يصطاد .
كنت أناديه بصوت عالي لكن لكن ينظر إلى كأنه فاقد للسمعـ وبعد محاولاتي بالصراخ نظر لي ولكن كنت لا أرى ملامح وجهه بوضوح، وكان يلوح لي بيديه كأنه يقول لي تعالى إلي .
وأحسست بشيء ما يدفعني نحو البحيرة وجسمي كان يتحرك تلقائياً نحوها، حاولت أن أصرخ لكن كان هناك شيء يكتم أنفاسي حاولت مراراً وتكراراً أن اقنع نفسي أنني بحلم ولست بحقيقة لكن لا جدوى من ذلك، اقتربت من البحيرة إلى أن وصلت المياة لساقي وهنا كانت الصدمة، أحسست بشيء ما أمسك بأرجلي حاولت مقامته فسحبني نحو الأسفل فرأيت ضوء أبيض يتقدم نحوي وكلما أحسست بالموت كان الضوء أقرب إلي، إلى ان أمسك شيء ما صدري ففتحت عيناي فرأيت عائلتي امامي وأبي ممسكاً بصدري، ففرحت أن الأمر كان مجرد حلم لا يمكنه أن يتحققـ فقال لي هل أنت بخير فقلت "نعم" لكن مالذي حدث، فقال لقد سمعناك تصرخ فنظرنا اليك فرأيناك تهتز بشدة، فخفنا كثيراً عليك ولكن الحمد لله على سلامتك .
بعدها نظرت للبحيرة وأنا كلي حيرة من أمري، وكان عقلي يريد أكثر من سؤال عن حقيقة هذه البحيرة المظلمة، فأصبح عقلي كورقة أسئلة يريدني أن أحل جميع الأسئلة التي تدور بعقلي ولكن السؤال الأهم كان مالذي تخبيء لي هذه البحيرة .
جلست أنظر للبحيرة ولكن كنت خائف من الإقتراب منهاـ إلى أن بدأت الشمس بالغروب رجعت للخيمة وكنت أريد أن أخذ قسط من الراحة، ونمت ...........
فأستيقظت من النوم وكان الساعة الثانية عشر والنصف بمنتصف الليل أخذت هاتفي بحكم أني كنت أريده للأضاءة وخرجت من المخيم بكل هدوء لكي لا يستيقظ أحد من عائلتي واتجهت للغابة .
كانت الغابة موحشة جداً في الليل بسبب ظلمته وضبابه الكثيف وأشجارها القديمة التي كانت غصونها متشابكة بشكل مخيف اقتربت من الغابة وفجأة سمعت همسات شخص يحذرني من عدم الدخول للغابة كأنه يهددني ولكن فضولي أجبرني على الاستمرار لأعرف مالذي يدور داخل الغابة .
تقدمت وتقدمت إلى أن رأيت ضوء مصباح يتحرك مسرعاً أمامي فصرخت لأرى من هذا الشخص الذي يجول بالغابة الذي يجول بالغابة بمنتصف الليل، فصرخت ولكن كان يتجاهلني فأتجههت إليه ولكن عندما اقتربت من مصدر الضوء كنت لا أرى سوى مصباح ملقى على الأرض ولكن السؤال من كان هنا ؟
حملت المصباح واشرت به نحو الشمال وفجأة !!
رأيت ظلاً يمر أمامي مسرعاً اتجههت مسرعاً نحوه وأنا أصرخ : قف لا أريد ايذائك، ولكنه استمر بالتحرك إلى ان اختفى بين الضباب الكثيف، وفجأة سمعت أًصوات أشخاص يغنون ويضحكون، اتجهت لمصدر الصوت ورأيت نار مشتعلة تقدمت نحوها بكل هدوء فرأيت عائلة كانت فرحة وضوء القمر كان يعكس أجسادهم فشعرت أنني لست وحدي بالغابة وأحسست بالطمأنينة وذهبت لهم إلى أن اقتربت منهم وألقيت عليهم التحية ولكن تمنيت أني لم اتحرك من مكاني بعد ما ألقيت التحية، لأن جميعهم كانوا يحدقون لي بصمت كأنهم يسمعون صوت ولا يرون أحد فقام الأب بالأتجاه نحوي إلى ان وقف أمامي مباشرة، كان ينظر لي بكل خوف وأنا أنظر له بكل خوف وفجأة نظر للأعلى وصرخ كانت الصرخة كأن هناك شخص بشع يقف خلفي يريد أن يقتلني فأتجه لعائلته وهربوا وأصواتهم تعلو بالغابة نظرت خلفي فلم أرى أحد ونظرت أمامي فكانت الصدمة التي وقف شعر جسدي بسببهاـ وهي أنني لم أجد أي نار أمامي والأصوات اختفت تماماًـ هربت للوراء لأعود أدراجي، ركضت وركضت لكن كل مرة أعود لنفس المكان فوضعت علامة لكي اتأكد أنني مررت هنا من قبل فوضعت قطعة خشب كبيرة جداً بمكان ما وأكملت طريقي إلى أن رأيت البحيرة لكن لحظة أين عائلتي ؟ .
كنت خائف لو حصل لهم أي مكروه، فكنت أصرخ وأنادي عائلتي لكن لم أسمع إلا صوت أنفساي وهيا تستنشق الأكسجين بقوة فركضت لأقرب منزل وقرعت الباب بقوة ففتح شخص الباب فنظر لي بكل هدوء والتفت يمين ويسار وكأنه لا يرى أحد ماـ فكنت أناديه لكنه لم يكن يسمعني فأغلق الرجل الباب فذهب للمنزل الثاني ففتح شخص الباب وكان ينظر يمين ويسار وكنت أصرخ له ولكنه لم يسمعني كأنني طيف لا يمكن لأحد أن يشاهدني أو يسمعني بدأت أشعر أنني لا وجود لي أو انهم يتجاهلوني حاولت أن أصرخ ليخرج أحد الأشخاص لي لكن لا حياة لمن تنادي .
وفجأة سمعت شخص ينادي باسمي، اتجهت لمصدر الصوت وقادني الصوت للبحيرة فرأ]ت رجل يحمل جثة هامدة على كتفة وكانت مكفنة وكان ينظر إلي وهو مبتسماً وقال سوف تعيش هنا للأبد، ورمى الجثة في البحيرة، وكانت الجثة تطوف في البحيرة فانكشف الغطاء عنها فرأيت شخص بدت ملامحه كشخص اعرفه وكنت لا أراه جيداً بسبب ظلمات الليل، فلما دققت النظر جيداً للجثة وقف شعر جسدي لهول ما رأيت كنت أرى نفسي ملقى بالبحيرة أدركت حينها أنني ميت لكن كيف .
لو انني مت كيف لي أن اكون بهذه الدنيا حاولت أن اقنع نفسي أنني بحلم ولست بواقع لكن لا جدوى من ذلك فرأيت جسدي يُبتلع من قبل هذه البحيرة الموحشة إلى أن اختفى بين ظلام البحيرة وإذ بالرجل يتكلم ويقول : هل تريد ان تعرف كيف حصل لك ذلك ، تذكر وقت قدومك للبحيرة بمنتصف الليل وتذكر وقت دخولك للغابة والأهم تذكر التحذير من التخيم بالبحيرة لمنتصف الليل .
فأشار بإصبعة لورائي وكانت تدل على الغابة وكانت توجد بداخل الغابة عائلة سعيدة فذهبت لهم، فلما اقتربت منهم فرأيت العائلة التي رأيتها بالغابة، فبدأ عقلي يحلل الأحداث واحدة تلو الأخرى .
أولاً البحيرة : لما ذهب للبحيرة ورأيت رجل يلوح لي كان هذا الرجل هو نفس الشخص الذي ألقى بجثتي للبحيرة .
ثانياً : لما ذهبت للغابة وسمعت شخص يحذرني من عدم الدخول للغابة كان ذلك الشخص أحد أفراد العائلة التي اختفت بشكل غامض، ولما تقدمت ورأيت عائلة بوسط الغابة فرحين كانوا هم العائلة التي اختفت في احداث هربهم أنهم شاهدوا شخص يقف خلفي فلما نظرت خلفي لم أرى أحد وكذلك العائلة بهذا التوقيت اختفت، فبكيت لأني عرفت أن مصيري صار مثل مصير تلك العائلة .
ولكن السؤال الذي لم أجد له إجابة "أين عائلتي"
هل تركوني هنا وحيداً وسط هذه المنطقة الملعونة ؟ ولما تركوني هنا ؟ قاطعت تفكيري صوت امرأة تناديني باسمي فتعجبت لأن المرأة ام تلك العائلة فقلت لها كيف عرفتي اسمي فقالت انت تشبه ابني المفقود تماماُ واسمك مثل اسمه وعمرك مثل عمره فقلت لها اين هو فأخرجت من جيبها صورة تجمعها فعلمت ان ابنها المفقود كان حي يرزق وعائلتي ظنت أنني هو فذهبوا بعيداً من هنا وأيقنت انني علقت هنا للأبد .
لكن السؤال هنا كيف مُت، هذا السؤال لا يعرفه أحد ليومنا هذا، لكن يوما ما سأعرف ويماً ما سأحاول أن أهرب من هذا الموت وأرجع لعائلتي .
تمت