قصة الجير الحي تنتمي إلى القصص الدرامية القصيرة تحكي أحداث القصة عن رجل بسيط يدعى العم "احمد خلف" كان يعمل بأحد الأعمال اليدوية الخطرة وهي الجير الحي، وتغير مسار حياته بعدما حدث ما لم يكن متوقع أثناء عمله في هذه المادة الخطيرة .... الجير الحي قصص قصيرة (كـــــــــوكــــــــتــــــيـــــل قــــــصــــــص)
قصة الجير الحي - قصص دراما قصيرة
بقلم : محمد شعبان
اتعدلت جدتي في قعدتها وقالتلي..
-شوف يا واد محمد يا ابن بنتي .. اهلنا زمان قالوا مثل عمري ما هنساه.. ألايد اللي تحتاج وماتطولش..صاحبها ودانه مابتسمعش غير صوت شيطانه.
- الله عليكي يا ست الكل، أيه الأمثال العظيمة دي، ونبي انتي تنفعي كاتبة روائية قد الدنيا.
-بطل غلبة واسمع واكتب وانت ساكت..
-حاضر يا ستي حاضر.. احكي.
ابتدت جدتي تحكي وتقول..
عمك احمد خلف...
ده كان راجل طيب اوي وغلبان وفي حاله، كان عايش هو ومراته وابنه اللي كان عنده 10 سنين في بيت بسيط من بيوت المنطقة هنا ، الراجل ده كان بيشتغل نقاش ، يعني كان بيدهن الحيطان وكده يعني والشهادة لله يا ابني الراجل كانت ايده تتلف في حرير وسمعته الطيبة وسيرته الكويسة، كانوا بيسبقوه في أي مكان يروح له ، سواء بقي في شغله ولا في حياته عموماً ، كان راجل محترم وعنده ضمير في كل حاجة ، بس الدنيا يا ابني مش دايمة ولا علي طول بتمشي زي ما البني أدم عايز..
الراجل ده وهو في مرة شغال في دهان بيت لسه مبني جديد ، حصلتله حادثة .. وهو بيحضر الجير اللي هيدهن بيه الحيطان ، شوية من الجير الحي اتدلقوا علي جزء كبير من وشه ورقبته ، واللي انت ماتعررفوش بقي ان الجير الحي ده بيبقي ابشع من ماية النار ، وعشان كده نص وشه بجزء كبير من رقبته اتحرقوا زي ما يكون اتدلق عليهم ماية نار بالظبط ، المهم ان الراجل صاحب العمارة والعمال اللي كانوا بيشتغلوا معاه وقتها ، اتلموا وشالوه ونقلوه لأقرب مستشفي ، دخل قسم الحروق وقعد فترة كبيرة بيتعالج لحد ما في الأخر خف وعاش ، لكنه مابقاش زي الأول يا ابني.. الراجل بقي وشه متشوه وشكله بقي بشع اوي، ده لدرجة انه لما حب ينزل يشتغل من تاني ، الناس ماكانتش بترضي تجيبه في أي شغلانة بسبب شكله ، ودي طبعاً اسمها قلة ذوق وقلة أدب كمان .. هو الراجل يعني كان له ذنب في اللي حصل؟!ّ
دي حادثة ممكن تحصل لأي حد من غير ما يقصد ، وبعدين المفروض ان الناس لو هتحاسبه ، تحاسبه علي شغله ومعاملته معاهم، مش تحاسبه علي شكله اللي اتشوه وهو بيشوف شغله!
المهم ان الاسطي احمد خلف مع الايام، القرشين اللي كان شايلهم للزمن ابتدوا يخلصوا .. اه ، ما هي مصاريف علاج الحرق اللي كان عنده ومصاريف مارته وابنه كانوا كتير اوي، وعشان كده الراجل فلس ومابقاش معاه ولا مليم ، وطبعاً زي ما قولتلك الناس ماكنوش بيرضوا يشغلوه ولا يجيبوه في اي شغلانة بسبب التشوه اللي بسبب كانوا بيخافوا منه ، وحتي لما كان حد بيجيبه في أي شغل ، ماحدش من العمال اللي كانوا بيشتغلوا معاه قبل الحادثة ، كان بيرضي انه ينزل معاه في اي شغلانة، كانوا بيخافوا علي نفسهم وبيقولوا انه من بعد اللي حصل له مابقاش يقدر يشتغل زي الأول ، وكمان كانوا بيخافوا لا اللي حصل معاه ده يتكرر تاني بس معاهم هما ، وفي الأخر يا ابني الراجل حالته وحالة اهل بيته بقت تصعب علي الكافر ، ده لدرجة انه بقي يدور علي أي شغلانة غير شغلانته الاصلية عشان يلاقي فلوس يأكل بيها مراته وابنه، لكن للأسف .. الناس ماكانتش بترضي تشغله وكانوا بيخافوا من شكله وبيمشوه ، فضل الراجل يلف في الشوارع زي المجنون وهو مش عارف يروح فين ولا يعمل ايه ، استلف فلوس من كل اللي يعرفهم لحد ما بقي مديون ، وانتهي بيه الحال انه بقي بيلف علي القهاوة وعلي الجوامع عشان يقدر يجيب فلوس لأهل بيته ، لكن الوضع ده ماستمرش كتير واحمد الطيب الغلبان المكسور ، اتحول بين يوم وليلة لمجرم.
-ازاي يا ستي.. وازاي شخصيته اتغيرت فجأة كده!
-فاكر يا ابني ولاد النُص اللي كنت حكيتلك عنهم .. بتوع تُرب باب الوزير!
- ايوة ايوة فاكرهم، مش دول ولاد النُص التربي وكانوا عصابة باين والحكومة قبضت عليهم؟!
-ايوة يا ابني .. بالظبط كده ، احمد لما السكك اتقفلت في وشه ومابقاش عارف يعمل ايه، خد بعضه وراح قعد في الترب قصاد قبر امه وابوه ، كان قاعد بيعيط زي الولايا وبيشتكيلهم من الدنيا اللي جارت عليه ، لحد ما فجأة سمع اتنين بيتكلموا مع بعض بصوت واطي ، في الاول افتكرهم عفاريت وجتته فضلت تترعش وفضل خايف وكش في نفسه كده وفضل يقرا قرأن، بس لما ركز كويس عرف ان دي مش أصوات عفاريت، دي أصوات اتنين بيتكلموا مع بعض بصوت واطي وكأنهم بيعملوا او بيتفقوا علي مصيبة، احمد أول ما عرف ان دول بني ادمين فضل ماشي ناحية المكان اللي جاي منه الصوت، وأول ما وصل .. لقي قصاده اتنين واقفين بيتكلموا مع بعض وفي ايدهم مخدرات وفلوس ، وقتها اول ما شافوه اترعبوا من شكله وافتكروه عفريت بسبب التشوه اللي كان في وشه وبسبب ان الوقت كان بعد المغرب ، يعني الدنيا كانت ضلمة ساعتها ، خافوا منه هم الاتنين ورموا الحاجة اللي كانت في ايديهم وطلعوا يجروا ناحية بيوت ولاد النُص، ساعتها بقي احمد عرف ان دول من العصابة ، وانهم كانوا واقفين بيبعوا مخدرات ، او بمعني اصح يعني ، واحد منهم كان واقف بيبيع للتاني، وقال لنفسه ان هم اكيد خافوا منه لما طلعلهم فجأة كده من وسط الترب ، بس فضل احمد واقف وقصاده علي الأرض الحشيش والفلوس اللي وقعوا من الاتنين ، مابقاش عارف يعمل ايه ، لكنه للحظة كده جت له فكرة يقدر بيها انه يستفيد وفي نفس الوقت بدل ما ياخد القرشين اللي قصاده والمخدرات ، لا ..ده خد الفلوس وخد حتة الحشيش وراح بيهم فين بقي؟!
-راح فين يا ستي؟!
-راح عند ولاد النُص.
- وده مجنون ده ، ازاي يعمل كده .. دول ممكن يموتوه ، المفروض يعني انهم عصابة ومش من السهل ان اي حد يتعامل معاهم.
ردت عليا جدتي وقالتلي..
اه يا ابني مظبوط ، لكن احمد في الوقت ده كان مستبيع ، وقال بينه وبين نفسه انه هيروح لكبير العيلة ويديله الفلوس والمخدرات ويحكيله علي اللي حصل بالظبط ، وأكيد يعني الراجل هيقدره وهيديله قرشين كويسين بعد حركة الجدعنة اللي هيعملها ، وخصوصاً بقي كمان لما هيحكيله علي ظروفه ويشرح له هو ايه اللي خلاه يقعد وسط الترب في الوقت ده .
-وبعدين يا ستي.ز كبير عيلة النُص اداله فلوس وكده ، ولا أذاه ومشاه؟!
- لا يا ابني.. ولاد النص كلهم استجدعوه وقالوا لبعض انه لو واحد غيره ، كان خد الفلوس والحشيش ومشي وماحدش كان هيقوله حاجة، ما هو اللي كان واقف بيبيع في الترب في الوقت ده ، كان واحد منهم اه .. لكنه كان عيل خيبان، رمي الحاجة اللي كانت في إيده ومن خوفه طلع يجري، ف لو احمد كان خدها ومشي من سكات ، ماحدش اصلاً كان هيعرف ولا حد كان هيلومه ، لكنه باللي عمله ده ، وبعد ما حكي حكايته للعصابة ، حسوا انه راجل شهم وجدع وكمان مُخلص ومالوش في الكدب ولا ال لف ولا الدوران ، وعشان كده قرر كبيرهم انه يشغل احمد معاهم بما إنه يعني مش لاقي شغلانة ولا حتي لاقي ياكل لا هو ولا اهله.
- يا نهار مش فايت.. هيشتغل معاهم في ايه، في تثبيت وسرقة الناس العايشين وكمان في المخدرات وفي سرقة جتت الميتين؟!
- ايوة يا ابني.. ما انا قولتلك في الأول ، الأيد اللي تحتاج وماتطولش، صاحبها مابيسمعش غير صوت شيطانه ، واحمد بقي سمع صوت شيطانه لما الحال ضاق بيه ، وعن طريق الصدفة .. الظروف خلته يقع في سكة ولاد النُص وكمان يشتغل معاهم.
وبعدين ياستي؟!
- ولا قبلين.. اشتغل معاهم وبقي معظم الوقت بيقضيه وسطهم ، ادوا له الأمان واعتبروه واحد منهم لما لقوه مُخلص وقلبه عليهم اوي،لدرجة إنهم يا ابني خلوه يسيب البيت اللي كان ساكن فيه وراح جاب مراته وعياله وسكن في البيوت بتاعتهم ، ومن الأخر كده يا ابني.. الناس بقوا بيعتبروه واحد منهم .. اشتغل معاهم في كل حاجة حرام كانوا بيشتغلوا فيها؛ اشتغل في سرقة جثث الميتين وبيعها للدكاترة اللي بيدرسوا في كليات الطب عشان يذاكروا عليها ، واشتغل مع الدجالين وبقي بيدفن لهم أعمال في المقابر ، ده غير طبعاً شغله في المحدرات وفي السرقة اللي هم كانوا اساتذة فيها، وفضل علي الحال ده لمدة كام سنة كده لحد ما الحكومة بدأت تعرف شغل ولاد النُص وابتدت تراقبهم ووقعتهم واحد ورا التاني من بعد موت ابوهم، العصابة كلها وقعت وكل رجالتها اتقبض عليهم، الا كام واحد كده من ضمنهم كان احمد .. احمد اللي ودا مراته وابنه عند حماته وبعد كده خد بعضه وهرب من الحكومة لأنها كانت بتدور عليه ، وقعد هربان لفترة كبيرة وماحدش كان يعرف هو راح فين ، لكن في ناس بتقول انه راح استخبي عند جماعة قرايبه ، وناس تانية بيقولوا إنه كان بيلف يشحت في الموالد وكان بيقعد قصاد الجوامع ، وناس تالته بقي قالت غير كده خالص ، في ناس قالوا إنه كان بيلف في المولد وفي الشوارع عشان يسرق الناس ويثبتهم وياخد اللي في جيوبهم ، والناس اللي قالوا كده أكدوا كلامهم بأنهم في مرة شافوه في مولد احمد الرفاعي وهو بيحاول يسرق واحدة ست ، واما الناس اتلموا عليه وكانوا هيمسكوه عشان يسلموه للحكومة ، قدر انه يضربهم وطلع يجري منهم .. وفضل الكلام يتقال واللي يزود واللي ينقص لحد ما في يوم الحكومة لقت جتته جنب قبر ابوه وامه ، الحكومة لقيته يا ابني متبهدل وميت من قلة الأكل ومن البرد .. كانت هدومه متوسخه ومتقطعة ، بس بعد ما لقوا جثته بقي الحكايات ماخلصتش .. دي الحكايات وكلام الناس ابتدوا يزيدوا اكتر واكتر ، اهل المنطقة مابقاش ليهم سيرة وقتها إلا عن عفريت احمد خلف المتشوه اللي كان بيطلع للناس في شارع الترب بالليل وبصراحة كل اللي كان بيتفكره ماكنتش بيتكلم عنه لا بخير ولا بشر .. ما هو اصله يا ابني كان راجل طيب والظروف هي اللي حوجته وخلته يعمل اللي كان بيعمله ده ، بس اديك شوفت اهو بنفسك .. نهاية السرقة والمشي البطال كانت ايه، اخرتها مات من الجوع والبرد في الترب، نهاية احمد يا ابني بالرغم من إنه في الأول كان راجل طيب وصنايعي شاطر ، إلا إنها كانت النهاية المعروفة لكل واحد بيمشي في السكة البطالة وبياخدها شغلته وتجارته ، اصل التجارة في الحرام يا ابني مهما كسبت منها ، ف لازم في الأخر هتطلع منها خسران.
- وبعدين يا ستي ، ابنه ومراته عملوا ايه؟!
- ماعملوش .. الست مراته بعد ما لقوا جتة جوزها بسنتين ، ربنا كرمها واتجوزت راجل طيب مابيخلفش، اتجوزها وربي ابنها كأنه أبنه بالظبط واهو الواد دلواقتي كبر ، وبقي راجل واتجوز وخلف، بس لحد النهاردة وكل ما تيجي سيرة ابوه .. بياخد بعضه ويقوم من القعدة اللي فيها السيرة ، ده الواد بقي يستعر من اسمه عشان في اخره احمد خلف الراجل البلطجي بتاع المخدرات نباش القبول .. الراجل اللي بالرغم من إنه مات وخد جزاؤه ومابقاش يجوز عليه الا الرحمة ، للأسف سيرته مماتتش وفضلت زي التار، ملازمة ابنه وولاده من بعده لحد اخر يوم في دنيتنا دي.
-خلاص كده؟!.. الحكاية خلصت؟!
- اه.. حكاية احمد خلصت، انما الحكايات اللي محضراها لك لسه ماخصلتش.
- احكي يا ستي.. احكي..
- الحكاية التانية بقي ابشع بكتير من الحكاية الأولانية ، الحكاية يا سيدي بتبتدي من منطقة في مصر القديمة اسمها اسطبل عنتر .. تعرفها؟!
يتبع......