الإقتران ليلة تحدث كل زمن طويل، يروي مؤلف القصة عن حدث يتكرر كل 400 عام ويمزجه بلمسه خيالية أصابت وغيرت مجرى أحداث القصة ليصل في النهاية لرسالة من وحي الكاتب، قصة لـــيلـــة الإقـــتـــران .
بقلم : مصطفى عمر كاتب جديد
طول عمري مؤمن ان لكل حاجة حكمة وسبب، كنت بحاول اثبت نظريتي دي للكل لكن مجدش كان مصدقني، لحد ما جه اليوم اللي قدرت اعمل فيه كدا، ليلة اقتران كوكب المشترى مع زحل .
لو قعجنا نتكلم علمياً هنلاقي اسباب كتير تفسر الظاهرة دي، لكن ايه الحكمة ان الظاهرة دي تتكرر بالقرب دا مرة كل 400 سنة، أكيج في سبب ليه علاقة بالماورائيات، أكيد في سر وحكمة في الموضوع، بدأت اصرف كل فلوسي عشان اتعلم من علماء كل المجالات الماورائية، الدجاليين والفلكيين والعرافين، حتى السحرة، الكل اجمع ان الحكمة الوحيدة اللي ورا الموضوع جا انها ممكن تكون بوابة لعالم آخر .
جهزت كل معداتي اللي اشترتها تحضرا لليوم دا .
وروحت لمكان صحراوي معزول عن الناسـ وتكون فيه الرؤية صافية وواضحة .
رصيت الشموع على شكل دايرة (الشموع بتقدر تتحكم في مستوى الطاقة المتسلل جواها)
جهزت كل المعدات اللي بتستشعر أي حركة غر مرئية، لحد ما بدأ الاقتران، بدأت اقرأ في كل التعاويذ اللي تقدر تفتحلي بوابة من العدم، لو كان النهاردة هيتوفر الطاقة الكافية فلازم نستغلها صح .
مستوى الطاقة في الجهاز بدأ، الشموع لهيبها بيزداد اكتر واكتر، حسيت لوهلة ان في هالة اتكونت حواليا بتحميني من شيء ما .
الإقتران وصل لأقصى مستوى، والطاقة مستواها ارتفع لأقصى درجة تقدر تسجلها الأجهزة، صوت الصفير من المعدات بيزيد وبيرتفع بالتدريج لحد ما وصل لدرجة لا تُحتمل، بصيت في التليسكوب لاقيت أغرب شيء ممكن عينك تشوفه، الكوكبين تشكله على شكل عين، كل كوكب فيهن نصه طالع منه عين بتبص بشر رهيب تجاه الأرض، بتتحرك في كل اتجاه كأنها بتراقب حاجة معينة، او بتستكشف المكان اللي هتحل عليه، لحد ما العينين بصتلي بشكل مباشر، النظرة طولت عشان تأكدلي إن أنا المقصود، حسيت إن العين بتبتسم برغم اني مش شايف أي ملامح إلا العينين، وفجأة صوت الصفير زاد لدرجة لا تحتمل لحد ما كل حاجة انفجرت، الأجهزة، الشموع اختفت، والأغرب من دا الكوكبين، الكوكبين انفجروا .
في ثانية تحولوا في السما لاطنان من الصخور بتسقط علينا من بعيد، رؤية الشيء دا وهو بينهار من خلال التلسكوب كان افزع ما رأيت، لكن مكنتش أعرف ان الأفزع لسه مظهرش .
كان في هدوء حواليا رهيب، اتلفت ببطء ورايا لاقيت بوابة على شكل مستطيل مزخرفة بتعابين حية ومفتوحة على أشد أماكن الجحيم ظُلمة، وبتقفل بهدوء شديد زي ما اتفتحت من العدم .
والهدوء عم المكان من تاني، فضلت اتلفت حواليا بحاول أفهم ايه اللي حصل لحد ما جه صوت من بعيد همسلي بصوت اشبه بفحيح التعابين : أنا هنا .
بصيت ورايا ولاقيته ...
نفس العين اللي كانت بصالي بشر من الكوكب، كائن بشري زينا ميختلفش في أي حاجة عنناـ الفرق الوحيد انه بعين واحدة بس،بصتله بكل فزع وحسيت ان الدم اتجمد في عروقي .
- انت مين !!!
- أنا الذي طلبت تبحث عنه طوال تلك الأعوام، لقد درست لغتلك أيها البشري، درستها منذ مئات السنين عندما كنت وليد الأرض هُنا .
سكت ورفع راسه للسما واتنفس باشتياق شديد وقال :
- الأرض !! كم اشتقت لها .
- انت مين وعاوز ايه من هنا
من أنا ؟ أنا الدليل على صدق حدسك يا فتى، ألم تكن تريد برهاناً على وجود الماورائيات، لقد صدقت نبؤتك، نحن حقيقيون .
- مين انتم بظبط ؟
أنا هنا الذي ألقي بالأسئلة، وأنت من عليك الإجابة، والآن اخبرني، هل سقطت صخور الكوكبين المهشمين بعد أم لا
- لا لا، لسه متعلقة في السما
- اوشكت على السقوط
- انت عاوز ايه مننا
- ألم تتعرف علي بعد، (فجأة بصلي بعينه الواحدة وصرخ بشدة) انظر إلى عيني، كيف تجهلني .
فضلت باصصله برعب، بحاول أكدب الهاجس اللي جه في دماغي، أكيد مش هو، أكيد في حاجة غلط، ابتسم كأنه بيقرا أفكاري وقال :
- اتظن بأن كائن مثلي سيبحث على الأرض كمان تظنون، أنا أخظر بكثير من مجرد أصفاد تمنعني عن الخروج إليكم، الأمر فقط أحتاج للتوقيت المعين للخروج، والجنود المعينين، والابن المُخلص .
بصلي وابتسم بطريقة بعد آخر كلمة ليه عشان يدق في قلبي كل معاني الرعب والخوف .
- تقصد ايه بالابن المُخلص .
- أقصدك انت يا حفيدي الصغير .
- ازاي دا ممكن يكون حقيقي .
- حُبك للماورائيات ليس حُب مكتسب، بل غريزة وفطرة ورثتها من جدك الأكبر الماثل أمامك الآن، عندما أدركت بأن الجميع سيصب لعناتهم علي، تزوجت بأنسية جميلة، أردت أن اتأكد بأن نسلي سيستمر حتى يوم بعثي، وكل 400 عام انتظر اللحظة المناسبة كي أخرج عن طريق الطاقة الهائلة المنبعثة من اقتران المشترى مع زحل .
ولكني كنت أفضل في كل مرة، حتى جعلت أتباعي يسخرون كل شيء أتظن بأن التكنولوجيا التي توصلتم إليها أعادت بالنفع عليكم؟ تلك التكنولوجيا هي أكثر أسلحتي المتطورة التي وسوس الشيطان من خلالي لكم كي تصنعوها، تلك المُعدات التي استخدمتها الليلة توهمكم بأنكم ستتخطون الستار بينكم وبيننا، ولكنها مجرد آلات لتهيأ لي الخروج لتجمع لي الطاقة، أما من أرشدوك للطريق .
(بص للسما وتنفس بسعادة شديدة وبدأ يبص ناحية صخور الكوكبين اللي انفجروا وهما بيخترقوا مجال الغُلاف الجوي وبيشقوا طريقهم ناحية الأرض عشان يتشافوا بالعين المجردة)
أما من أرشدوك للطريق كلهم اتباعي، كلهم أولادي، أنجبتهم بنفس الطريقة التي جئت بها للدنياـ هل تظن بأن هناك إنسان عافل يريد أن يعمل في مجال السحر والدجل والفلك والطاقة ويجيد احترافها بتلك الطريقة، كيف يتحقق هذا بدون جيناتك محملة بالشر الأكبر .
- ايه هو الشر الأكبر
- اتقصد الشر الذي سيحل على كوكبكم منذ اليوم؟ ستراه، ستشعر به يتسلل بين خلايا عقلك كي يزيدك ظلاما فوق ظلامك، ستشاهده وهو يدب الفتنة من شرق بلادكم لغربها، ستشاهده وستتمنى بأن تعود بالزمن كي تمحي تلك الليلة من حياتك، إلا لو قررت اتباعيـ وأنت تعلم جيداً آخر طريقي، الجنة، التي وهموك بأنها ناركم
والآن أعذرني، فلدي الكثير من العمل .
بدأ يمشي بعيد وأنا ماشي وراه زي المسطول بظبط لحد ما لمحت الصخور نازلة بكميات كثيفة لدرجة انها هتبيد بلاد بالكامل .
- انت المسيح الدجال مش كدا
بصلي وابتسم وعينه الواحدة لمعت بسعادة غريبة
- بس انت مش هتعرف توسوس للبشر، انت مش بتتكلم لهجتنا العامية، والكوكبين دول هيبيدوا الكل، مش هتلاقي حد عايش عشانا .
ابتسم بسخرية أكتر وقال :
- انا بقدر اتكلم اي لهجة اتوجدت على الأرض، انا عارف اسلوب حياتكم كويس، أما الكوكبين (سكت عشان سمع صوت الصخور وهي بتصطدم من بعيد بالأرض عشان تعمل انفجار هائل وصوت صريخ الناس والأطفال بيزيد بطريقة تحطم أقصى قلب) وكمل كلامه وقال :
- أما الكوكبين فمتقلقش، دي مجرد البداية .
الروابط
آخر قصة : الدور الأرضي
كاتب القصة : مصطفى عمر