قصة ليلة الغريب الجزء الأول - قصص غموض قصيرة


قصة ليلة الغريب الجزء الأول 

ليلة الغريب

بقلم : محمد شعبان


- في ليلة رأس السنة.... تُحذر هيئة الارصاد الجوية المواطنين.... علي الجميع التزام المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى؛ وذلك نظراً لتعرض البلاد... لموجة قاسية من الأمطار اليوم وغداً.. وقد قالت هيئة الأرصاد في بيان رسمي لها بأن تلك الموجة من الممكن أن تستمر لعدة أيام....


ده كان صوت مذيعة الاخبار في التلفزيون اللي سمعته وانا بلبس هدومي عشان اروح لمراتي المستشقي، لكن كلام المذيعة خلاني سيبت القميص اللي كنت بلبسه ومسكت موبايلي وطلعت رقم تليفون الدكتورة اللي هتعمل لمراتي العملية... اتصلت بيها وبعد كام جرس كده ردت عليا...


- الو... دكتورة جيهان، ايه الاخبار؟!

- ايوة يا استاذ محمد... انا الحمدلله تمام ، وحضرتك؟!

- انا تمام والله ، المهم بس مراتي تقوم بالسلامة يا دكتورة.

- أطمن... انا رايحة المستشفي اهو وبمجرد ما اوصل ، هجهزها عشان تدخل عمليات علي طول.

- يعني حضرتك هتعملي العملية في معادها؟!.. ده انا والله توقعت ان حضرتك ممكن تأجلي العملية وماتقدريش تروحي المستشفي بسبب العاصفة والمطر وكده.

- لا لا.. انا لسه مخلصة شغلي في المستشفي الحكومي ، وطالعة اهو علي المستشفي الخاص عشان اعمل العملية للمدام في معادها، انت ناسي ولا ايه لما قولتلك ان أي تأخير عن المعاد المحدد، هسيبب خطر علي حياتها؟!

- لا مش ناسي يا دكتور، عموماً انا بلبس ونازل اهو عشان ابقي موجود جنبها. 

- تمام .. توصل بالسلامة، بس خلي بالك وانت سايق لأن الشوارع متبهدلة بسبب المطر.

- على الله يا دكتورة.. سلام عليكم

-وعليكم السلام.


خلصت كلامي مع الدكتورة وكملت لبسي ونزلت من البيت، ركبت عربيتي وطلعت علي الشارع الرئيسي ومنه لشارع زراعي جانبي بيودي لطريق مختصر في اخره المستشفي الطريق الزراعي ده كان فاضي.. وعشان كده زودت السرعة شوية، الرؤية قصادي كانت ضبابية شوية، لكني كنت شايف قصادي كويس بسبب كشافات العربية اللي كنت منورهم، الأرض متغرقة طينة والمطر تقريباً مابيقفش، لكن كل ده ماهمنيش واعتبرته إشارة من ربنا علي إن مراتي هتقوم من العملية بخير، بس وانا سايق وسرحان في مراتي وفي العملية، فجأة طلع من جنب من جوانب الطريق طفل صغير ، الولد خرج من وسط الزرع فجأة ووقف قصاد العربية ، غصب عني خبطته خبطة قوية لدرجة إنه طار من علي الأرض واترمي بعيد، وقتها انا وقفت العربية وسيبت كشافاتها مفتوحة زي ما هي عشان اشوف الولد جراله ايه، نزلت من العربية وقربت منه وبدأت اشوف ماله، كانت ملامحه مليانة دم وطين.. فكرت اشيله من مكانه واوديه المستشفي اللي انا رايحها عشان يلحقوه ، لكني وقفت للحظة كده لما افتكرت ان مراتي هتعمل عملية، وإن انا لو وديت الولد المستشفي وقولت انا اللي خبطته ، ساعتها بقي هدخل في سين وجيم وبلاوي سودة هتأخرني عن وجودي جنب مراتي اللي حياتها ممكن تبقي في خطر لو احتاجت علاج او حاجة وانا ماكنتش جنبها..


لكن وانا واقف وبفكر هعمل ايه، سمعت من وسط الزرع اللي كان علي شمالي أصوات خرفشة ، بصيت ناحية الصوت لقيت شخص خارج من وسط الزرع كان راجل مش باين منه اي ملامح غير جلابية لونها أسود، طلع من وسط الزرع ووقف بعيد عن الولد، مقربش مني ولا جه ناحيتي ولا ناحيته، هو وقف بعيد وفضل واقف لحد ما انا قولتله بارتباك..

- وال وال والله انا كنت ماشي بالعربية ، وهو اللي.. اللي كان .. وانا لقيته و....

قاطعني صوت غريب كان جاي من الناحية اللي واقف فيها الراجل...

- ايه .. هتكدب عليا؟!... ماتخافش ماتخافش، انا مش هقول لحد حاجة، بس علي شرط.

قرب مني وهو بيتكلم وفضل يتمشي لحد ما وقف بالقرب من الولد اللي كان واقع ما بيننا احنا الاتنين ، وقتها انا ركزت معاه لأن ملامحه ابتدت توضح .. كان راجل عجوز.. ملامح وشه مش مريحة، لون عينيه كان اسود سواد غريب ، وجلابيته بالرغم من المطر الكتير اللي حوالينا ، إلا إنها ماكانتش مبلولة، بشرته كانت شاحبة بشكل مريب، شعره كان طويل لدرجة إنه واصل لاكتافه، بصيت له باستغراب وهو واقف قصادي وقولتلته..

- شرط ايه.. وبعدين انت مين؟!

رد عليا وهو بيبتسم وملامحه كانت مخيفة بسبب نور كشاف العربية اللي جاي من ورايا..

-انا يا سيدي الفرصة، زيي زي القضا المستعجل اللي جالك دلواقتي ده، بس الفرق بيني وبينه بقي ، إن انا جايلك في خير.

رديت عليه وانا علي ملامحي الخوف وعدم الفهم في نفس الوقت...

- مش فاهم حاجة؟!

جاوبني وهو بيقرب اكتر من الولد..

- الواد ده هو الحكاية كلها... باختصار كده يا سيدي انا جايلك في عرض، حياة مراتك قصاد حياته، مش انت برضه مراتك هتعمل عملية خطيره في القلب كمان شوية؟!

رديت عليه وانا برجع خطوتين لورا...

- وانت عرفت منين؟!

بص لي بتركيز بصة حسستني بالرعب وهو بيرد عليا..

- هو احنا بقي هنقضي طول الليل ف عرفت منين وانت مين والأسئلة اللي مالهاش لازمة دي، ما تركز معايا كده وخليك في المهم.. الواد ده، أمه ست بتمشي ورا السحر والأعمال، عملت لجوزها عمل عشان تخليه تحت طوعها لأنه راجل غني وهي فقيرة، وكمان خدعته وفهمته ان الواد ده يبقي ابنه مع انه ابن عشيقها اللي مات، واللي بالمناسبة يعني يبقي اخو جوزها.. ف من الأفضل ليك وليا إنك تركب عربيتك وتسيب الواد وتمشي، ساعتها هو هيفضل ينزف لحد ما يموت، وهيفضل مرمي في الطريق لحد ما اي عربية تعدي الصبح وتلاقيه، وبموت الواد ده بقي.. ورميته زي ما هو كده.. امه اللي تعبانة دلواقتي في البيت وجايلها غيبوبة وهو كان رايح لابوه عشان يجي يلحقها ، هتموت .. وانت بقي يا سيدي هتكمل في طريقك وهتروح تشوف مراتك اللي هتقوم من العملية وهتخف و .....

وقتها قاطعته...

- طب وانت هتستفاد ايه من ده كله؟!

رد عليا بحزم وهو بيبص لي بتركيز اكتر...

- مايخصكش.. وبعدين يا راجل ده انت كده هتبقي تلات عصافير بحجر.. موتت عيل ابن حرام، وكمان كنت السبب في موت امه اللي طول عمرها تستغفل ابوه ، ده طبعا غير مراتك اللي هتروح تلحقها من غير ما تعرض نفسك لا لسين ولا لجيم مالهمش اي داعي.

قربت منه بحذر وانا بقول له...

- طب طب .. هو انا ممكن اعرف بس انت مين؟!

رد عليا وهو بيضحك ضحكة خفيفة...

- صدقني مش مهم.. لكن لو يهمك اوي انك تعرف، ف يكفي اني اقولك ان ام الواد ده، روحها تخصني ... روحها هتبقي هي واحدة من الشواهد علي ان انتوا جنس نمرود وماتستحقوش الرحمة.. اصلها بكده هتموت قبل ما تستعمل الكارت الأخير والوحيد اللي ممكن ينجدها.

لما قال لي كلامه ده، حسيت بحرارة رهيبة في المكان حواليا، وفي فنس الوقت حسيت برضه برعشة وبرجفة رهيبة، لدرجة ان الرجفة دي اتنقلت لصوتي وانا بقول له..

- ك ك ككااارت ايه؟!

قرب اكتر من الولد لدرجة انه بقي جنبه بالظبط...

- المغفرة .. ها..هتساعدني وتساعد نفسك، ولا؟؟؟!

رديت عليه بسرعة ومن غير تفكير...

- هساعدك.. بس قول لي انت مين وانا اوعدك اني همشي حالاً.

رد عليا وهو بيرفع علي راسه قبعة الجلباب الأسود اللي هو لابسه

-الغريب .. غريب عنكوا وعن جنسكوا ... لكني حافظكوا وحافظ كل حاجة بتعملوها، سميني الخلاص.. او جهنم.

اول ما قال لي كده برقت له وهو بيوطي راسه وبيلف عشان يديني ضهره ويكمل كلامه بصوت أجش له هيبة غريبة....

- ها.. هتمشي ولا هتاخد الواد ومراتك تموت؟!

فضلت مبرق له لثواني كده وانا سرحان، وفجاة روحت جري ناحية عربيتي وركبتها ، دورت العربية وطلعت بسرعة، عديت من جنب الولد ولا كأني انا اللي دهسته من كام دقيقة، حمدت ربنا ان الراجل اختفي وكملت في طريقي لحد ما وصلت المستشفي، وهناك اكتشفت إن المستشفي تقريباً فاضية، هو يادوب عامل أمن ، ودكتور طواريء ، وموظف استقبال قاعد في الطرقة، قربت من موظف الاستقبال وقولتله بلهفة..

- حضرتك في حالة عندكوا المفروض انها هتدخل العمليات كمان شوية مع دكتورة جيهان.. الحالة اسمها مدام ليلي.. مريضة قلب هي.

بص الراجل في دفتر قدامه..

- اه موجودة .. بس دي مش لسه هتدخل العمليات ، دي دخلت بالفعل.

اول ما قال لي كده ، رديت عليه وانا مش قادر اتلم علي أعصابي..

- طب انا جوزها، هي أوضة العمليات منين؟!

رد عليا وهو بيشاور علي سلم المستشفي..

- اطلع الدور التالت ، ده دور العمليات اللي مراتك بتعمل فيه العملية، مافيش حالة غيرها في الدور لأن مافيش دكاترة كتير بيعملوا عمليات النهاردة.. ما انت عارف بقي الجو وكده، وكمان المطر مسبب...

سيبته بيرغي وطلعت جري علي السلم ، وصلت للدور التالت ، مالقتش في طرقة الدور غير ممرضة من شكلها كده عرفت إنها كبيرة في الست، قربت منها وسألتها..

- هي الست اللي دخلت عمليات من شوية، دخلت انهي أوضة؟!

ردت عليا وهي بتشاور علي باب في أخر الطرقة...

- جوة الأوضة دي .. استني علي كرسي من الكراسي اللي عند الباب، بس انت مين؟!

- انا جوزها.. جوز الست اللي بتعمل العملية جوة.

- ربنا يقومهالك بالسلامة، اتفضل استريح، واي حد يخرج من الممرضين هيطمنك عليها ان شاء الله.

بعد ما قالتلي كده روحت قعدت علي كرسي جنب الباب وانا بترعش من القلق والخوف ، انا ماليش لا عيل ولا أخ .. انا ماليش في الدنيا غير ليلي، ده انا استلفت من طوب الأرض عشان اعمل لها العملية في المستشفي دي.. ليلي لو جرالها حاجة انا...

قطع تفكيري وكلامي مع نفسي صوت الباب وهو بيتفتح ، خرجت منه ممرضة بلهفة، كانت ملامح وشها مخطوفة وكانت مخضوضة بشكل يخوف، ندهت علي الممرضة اللي كانت في اخر الطرقة بصوت عالي...

- يا ام عبده يا ام عبده.. تعالي بسرعة عايزينك تشتريلنا حاجات من الصيدلية.

اول ما قالت كده ، قومت وقفت وقولتلها بتلقائية...

- انا جوزها.. جوز الست اللي بتعمل العملية جوة، انا ممكن اروح اشتري اللي انتوا عايزينه.

ردت عليه وهي مرتبكة وقلقانة...

احنا مش عاوزين حاجة للحالة ، دي الدكتورة جيهان وهي بتعمل العملية أغمي عليها، تقريباً السكر عندها والضغط فيهم مشاكل وتقريبا كده مأكلتش كويس ، ف احنا عايزين لها دوا او بالتحداد يعني حُقن من الصيدلية عشان تاخدها وتفوق.. ما هو مفيش دكتور قلب في المستشفي ممكن يكمل العملية غيرها ، يعني لو فضلت في الوضع ده، الحالة ممكن تموت لأنها..

قاطعتها بسرعة من قبل ما تكمل كلامها...

- من غير لأنها ، هاتي اسم الحُقن بسرعة وانا هنزل اشتريها لها وهاجي علي طول.

ادتني ورقة فيها أسم الحقن اللي هي عايزاها ، ولسوء الحظ كلهم ماكنوش موجودين في صيدلية المستشفي، وعشان كده خدت بعضي وطلعت جري علي الشارع ، لفيت كل الشوارع علي اي صيدلية فاتحة لكني مالقتش ، كل المحلات قافلة بسبب المطر.. بس انا بقي اول ما شوفت واحد ماشي في الشارع.. قربت منه وسألته علي مكان اقرب صيدلية فاتحة دلواقتي ، ف رد عليا الراجل وقال لي ان الصيدلية اللي فاتحة هي صيدلية الدكتور خالد السوفي ، ودي موجوده في اخر الشارع اللي انا كنت ماشي فيه، شكرته وطلعت جري علي مكان الصيدلية.. كنت بتكعبل وانا ماشي بشكل متكرر .. لكني كنت بقع وبقوم واقع واقوم، لحد ما في الأخر وصلت عند الصيدلية ، لكني اول ما وصلت وقفت قصادها وانا مبرق زي المصدوم، يا ليلة غابرة.. الصيدلية دي كمان قافلة، وقفت وانا حاطط ايدي علي راسي وماكنتش عارف اعمل ايه، لحد ما سمعت صوت جاي من عند باب العمارة اللي جنب الصيدلية..

- خير يا حضرت.. انت عايز الدكتور خالد؟!

رديت عليه بلهفة

- اه.. او اي صيدلية تانية قريبة من هنا.

رد عليا..

للأسف مش هتلاقي صيدلية فاتحة إلا دي، بس للأسف برضه الدكتور خالد لسه قافل الصيدلية من شوية وماشي بسرعة، كان مرتبك ومعاه ناس كتير جم خدوه ومشيوا.. اصله بعيد عنك يا استاذ ، ولاد الحلال لقوا ابنه علي طريق الزراعي وهو سايح في دمه، كانت خابطاه عربية واول ما لقوه وعرفوا انه ابن الدكتور خالد ، جم علي طول وبلغوه وانا بقي كنت قاعد وسامع كل حاجة، اصل انا بواب العمارة دي ، وتملي يعني بقعد هنا و.....

يتبع.....

( دي قصة ليلة الغريب.. بتأسف لو هتنزل علي جزئين لأنها طويلة جداً تقدروا تقروا تكملتها لما تنزل بكرة في نفس المعاد لما تنزل بكرة بأذن الله )



x
شيء تستطيع مسكه لكنك لا تستطيع لمسه فما هو؟

لو عرفت الإجابة جاوب تحت في الكومنتات 


لو عندك قصة او الغاز كلمنا هنا
مُرسل اللغز : ع.ع    تاريخ اللغز 05/01/2021

الروابط

آخر قصة : المرض الغريب 

صفحة الكاتب : محمد شعبان 

Owner 2
Owner 2
تعليقات