رمزي يمثل الشباب الذين يقسون على أمهاتهم، وكان رمزي يستعر من أمه والتي كانت مصابه بأحد الأمراض وكان قاسي على أمه الكبيرة في السن ويعاملها معاملة "البعير"، ولكن كان للقدر رأي آخر (شبح المظلوم) ... كــوكــتـــيـــل قـــصـــص بــلـــوجـــر .
بقلم : عزيز السيسي
لم تكن لدى (صفية) من الأبناء سوى ابن واحد اسمه (رمزي)، لم تنجب غيره لأن زوجها مات منذ ما يقارب العشرين عام، وبالرغم من إنها كانت في ريعان شبابها بذاك الوقت، والتفاف الرجال حولها كالذباب حول طبق العسل، إلا أنها أبت الزواج بعد وفاة زوجها حيث قررت أن تتفرغ لرعاية ابنها الوحيد لترى فيه الابن والزوج الذي فقدته بالسنوات الأولى من زواجهما ...
وبعد أن تراصت السنوات خلف بعضها، كبر (رمزي) حتى التحق بالجامعة، وانتهت رعاية (صفية) لابنها، ودارت الدائرة فهي الآن بحاجة إلى من يرعاها لا سيما أنها فقدت عقلها، وأصبحت مثل دمية في نظر الأطفال بالشوارع وفوق أغصان الأشجار، لذا لم يدعُ (رمزي) أيا من أصدقائه بالجامعة إلى بيته يومًا خوفا بأن يشيع بين أصدقائه بأن أمه مختلة عقلياً، ولكن لا جدوى من إخفاء الحقيقة، فالحقيقة مهما طال اخفاؤها إلا أنها تطفو يوما على سطح الواقع كما يطفو الزيت على سطح الماء، فقد طلب بعض أصدقاء (رمزي) زيارته حيث نسمات القرية الباردة المنعشة، وليمتعوا أعينهم بالنظر إلى اخضرار الأشجار المنعكسة على مياه النيل الصافية، وقد كانت هذه بالطبع ورطة أصابت (رمزي) ولكن عقله أخرجه منها حينما قرر وضع أمه في غرفه مغلقة حتى لا يراها أيا من أصدقائه وجاء الأصدقاء وتجولوا في أرجاء القرية وهم مبهورون بأجواء القرية وقد قادتهم دهشتهم بأن يفتحوا أفواههم جميعاً وكأنهم مجموعة من الفلاحين في أول زيارة لهم لهرم خوفو ....
وفي الليل أجتمع الجميع داخل بيت (رمزي) من أجل الرقص على الطبول والموسيقى الصاخبة، وبينما هم على هذا الحال من اللهو، إذ بوالدة (رمزي) تقتحم الغرفة بملابسها المتربة الممزقة، وشعرها المجعد الذي يشبه سلك المواعين وقد كانت تصفق وتضحك دون وعي حتى تبادل الأصدقاء النظرات التي تحمل كل دهشة فيما بينهم.... فمن هذه السيدة المجنونة ؟
ولم تطل حيرتهم فقد علموا أنها والدة (رمزي) المختلة حيت نظر البعض لها بنظرات تحمل كل شفقة، وقد كان هناك من يكتم ضحكاته كي لا تنفجر مثل قنبلة، بينما كانت نظرات الكثيرين تلوم (رمزي) على ترك أمه بهذه الحالة دون السعي لمحاولة علاجها واسترداد عقلها مجددًا
استأذن الجميع دون صوت، بعدها جاء (رمزي) بقطعة خشبية وانهال على أمه بالضرب المبرح عقاباً منه لخروجها من ذلك السجن الذي وضعها فيه، والأم تنزوي في أحد أركان الغرفة مستسلمة كدجاجة يهاجمها دب أو ثعلب، وعندما تعثر (رمزي) وسقط أرضاً، هرولت عليه أمه لتربت على كتفه وتطمئن عنه فإن كانت فقدت عقلها إلا أنها لم تفقد الحنان الذي يحمله قلبها لذلك الابن العاق ...
استمر (رمزي) في سجن أمه وعقابها بالضرب مرات كثيرة، حتى جاء وقد لمح أمه تضحك وتداعب المارة فوق سطح البيت ...
الغريب !!!!!! أنه لم ينهض لمعاقبة أمه هذه المرة بل تركها، وكأنه أراد أن يراها كل أهل القرية وهي على ذلك الحال، وبعد أن حل الليل وهدأت العيون ونام أهل القرية جميعًا ومات الكون من حولهم، تسلل (رمزي) إلى السطح وأخذ ينظر في جميع الاتجاهات كاللص، وبالأخير دفع أمه دفعة قوية بيده لتسقط على التو من فوق السطح لتقع على الأرض دون أن تصدر حنجرتها أي صوت ........
وقد تم فتح محضر لهذه الواقعة، وأغلق مجددًا لا سيما أن الجميع يعلم أنها مجنونة ومن المؤكد أنها ماتت منتحرة دون أن تدري بما فعلته بنفسها، ولم تمر الأيام حتى بدأ (رمزي) يسمع طرقات حادة على باب غرفته، وصرخات أخرى فوق سطح البيت يتبعه دوي خارج البيت وكأن هناك من يقفز من فوق السطح .
ويقول بصوت أجش : قتلتني .. قتلت أمك يا رمزي ...
كما أن هناك من أهل القرية الذي أقسم أنه شاهد شبح (صفية) يروح ويجيء فوق السطح وكأنها لم تمت، وقال آخر أنه شاهدها تتسلق أحد الأشجار ليلًا وترمي الثمار فوق المارة مداعبة إياهم ...
لم يجد (رمزي) حيلة سوى اللجوء لأحد الدجالين ربما كان هو الدلفين الذي سيخرجه من هذا الرعب، وقد أقر الدجال أن ما يشعر به وأهل القرية ليس شبح (صفية) بل أنه جن يحتفل بمنظر الدماء المتساقطة من الإنسان على الأرض وقد تمثل هذا الجن على هيئة (صفية) وسيظل هكذا لأيام قليلة ثم ينتهي كل شيء .....
وبالفعل لم تمر بضعة أيام وقد انتهت هذه الظاهرة، واختفت الأصوات تمامًا ومرت سنوات خلف أخري، وهدم (رمزي) البيت وحل مكانه بيتًا جديدًا، أراه الآن مزين بمصابيح الإنارة التي كانت تتسابق وراء بعضها وكأنها تتراقص على أًصوات الطبول العالية، إنها ليلة زفاف (رمزي) على (مشيرة) إحدى زميلاته بالجامعة تلك العروس ذات الأنف المرفوع وكأنه يعبر عن شخصيتها المتكبرة، حتى نظراتها وكأنها نظرات إنسان يقف فوق جبل ليرى الناس ضئيلة حقيرة من تحته فقد بدا عليها الاشمئزاز من هيئة الفلاحين البسطاء الذين يصفقون ويهللون من حولها .....
اصطحب (رمزي) عروسه إلى غرفة النوم، فطلبت العروس إطفاء النور لتبدل ملابسها واستعد (رمزي) للبدء في أول لحظات من ليلة العمر، ولكنه بعدما أضاء النور مجددًا، لم يجد العروس، أجل لم يجدها، ولكته شاهد شيئًا ما يتسلل من تحت السرير، أنها أمه صفية !!!!!!!!!
أجل أمه تسير على أقدامها وأرجلها، وجهها مغطى بشعر مجعد تنساب منه الدماء وقد قالت : مبروك... مبروم يا قاتل أمك ....
هرول (رمزي) خارج الغرفة بأنفاس متسارعة، هرول كخنزير يطارده أسد ولولا العار لقفز من نافذة الغرفة التي احتمى بين أركانها، لحظات واستمع لدقات حادة على الباب، إنها زوجته .
تقول: مالك يا بني ... انت اتجننت ولا ايه ؟!!!!!!!!
فتح (رمزي) الباب، وعندما شاهد العروس أمامه، فرك في عينيه وكأنه استيقظ من النوم، وقد أشار له عقله أن هذه مجرد تهيؤات من تأثير إرهاق ليلة الزفاف والموسيقى والأصوات المزعجة المصحوبة بأدخنة السجائر والمواد المخدرة، ولكن لم تكن هذه هي الحادئة الوحيدة، فعندما كان يقلب في صور ليلة الزفاف وجد وجه أمه بين وجوه الناس في جميع الصور، بينما تقسم زوجته أنها لم تشاهد أي شيء مما يراه هو ...
وفي أحد الليالي صاح على زوجته من داخل الحمام لتناوله منشفة، ومدت زوجته يدها بالمنشفة من خارج الباب، وخرج بعد ذلك يلوم زوجته على أن المنشفة كانت مبللة، وصاحت زوجته في وجهه هذه المرة .
قائلة : فوطة ايه إل ناولتهالك ... أنا ماجتش ناحية الحمام خالص !!!!!!!!!
قال رمزي بدهشة : يعني إيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ردت الزوجة : يعني لازم تعرض نفسك على دكتور نفساني... أنا مش هستنى لحد ما تتجنن وتفضحني قدام أًصحابي ....
وبالفعل لجأ (رمزي) لدكتور نفسي، ولكن كأن العلاج بمثابة مفتاح يفك له صواميل عقلة القليلة المترابطة، فقد أًصبح دائم النظر للاشيء، تراه يبتسم تارة وتارة أخرى يضحك وكأنه تحت خشبة مسرح لفنان كوميدي شهير، مما جعل زوجته تحبسه في أحد الغرف كي لا يفضحها وقت زيارة أصدقائها لها، وفي ليلة دخل (رمزي) المختل على أصدقاء زوجته وهو شبه عار، وكانت هذه الحادثة بمثابة فضيحة لزوجته، وقد قررت بالفعل أن تخلعه، ولكنها تراجعت لسبب غير معروف، حتى استيقظت القرية ذات يوم على خبر انتحار (رمزي) الذي اختل عقله بالوراثه عن أمه، وبقيت زوجته في البيت ربما من أجل البحث عن زوج جديد، ولكنها كل ليلة كانت تستمع إلى صرخات رمزي فوق السطح
وهو يقول : قتلتيني ... قتلتي زوجك يا مشيرة ...
تمت
الروابط
آخر قصة : U Gonna Die
صفحة الكاتب : عزيز السيسي